السين بمعنى الموضع : علي وحمزة أي موضع قربان.
وغيرهما : بالفتح على المصدر أي إراقة الدماء وذبح القرابين ﴿ لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ ﴾ [الحج : ٣٤] دون غيره ﴿ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الانْعَـامِ ﴾ [الحج : ٢٨] أي عند نحرها وذبحها ﴿ فَإِلَـاهُكُمْ إِلَـاهٌ وَاحِدٌ ﴾ [الحج : ٣٤] أي اذكروا على الذبح اسم الله وحده فإن إلهكم إله واحد، وفيه دليل على أن ذكر اسم الله شرط الذبح يعني أن الله تعالى شرع لكل أمة أن ينسكوا له أي يذبحوا له على وجه التقرب، وجعل العلة في ذلك أن يذكر اسمه تقدست أسماؤه على النسائك.
وقوله ﴿ فَلَهُا أَسْلِمُوا ﴾ [الحج : ٣٤] أي أخلصوا له الذكر خاصة واجعلوه له سالماً أي خالصاً لا تشوبوه بإشراك ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾ [الحج : ٣٤] المطمئنين بذكر الله أو المتواضعين الخاشعين من الخبت وهو المطمئن من الأرض.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا.
وقيل : تفسيره ما بعده أي
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٤
﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الانفال : ٢] خافت منه هيبة ﴿ وَالصَّـابِرِينَ عَلَى مَآ أَصَابَهُمْ ﴾ [الحج : ٣٥] من المحن والمصائب ﴿ الَّذِينَ إِذَا ﴾ [الحج : ٣٥] في أوقاتها ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [البقرة : ٣] يتصدقون.
﴿ وَالْبُدْنَ ﴾ جمع بدنة سميت لعظم بدنها وفي الشريعة يتناول الإبل والبقر، وقريء برفعها وهو كقوله ﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَـاهُ ﴾ [يس : ٣٩] ﴿ جَعَلْنَـاهَا لَكُم مِّن شَعَـائرِ اللَّهِ ﴾ [الحج : ٣٦] أي من أعلام الشريعة التي شرعها الله، وإضافتها إلى اسمه تعظيم لها ومن شعائر الله ثاني مفعولي جعلنا ﴿ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ﴾ [الحج : ٣٦] النفع في الدنيا والأجر في العقبى ﴿ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا ﴾ [الحج : ٣٦] عند نحرها ﴿ صَوَآفَّ ﴾ حال من الهاء أي قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن ﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ﴾ [الحج : ٣٦] وجوب الجنوب وقوعها على الأرض من وجب الحائط وجبة إذا سقط أي إذا سقطت جنوبها على الأرض بعد نحرها وسكنت حركتها
١٥٥
﴿ فَكُلُوا مِنْهَا ﴾ [البقرة : ٥٨] إن شئتم ﴿ وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ ﴾ [الحج : ٣٦] السائل من قنعت إليه إذا خضعت له وسألته قنوعاً ﴿ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ الذي يريك نفسه ويتعرض ولا يسأل.
وقيل : القانع الراضي بما عنده وبما يعطى من غير سؤال من قنعت قنعاً وقناعة، والمعتر المتعرض للسؤال ﴿ كَذَالِكَ سَخَّرْنَـاهَا لَكُمْ ﴾ [الحج : ٣٦] أي كما أمرناكم بنحرها سخرناها لكم، أو هو كقوله ذلك ومن يعظم ثم استأنف فقال سخرناها لكم أي ذللناها لكم مع قوتها وعظم أجرامها لتتمكنوا من نحرها ﴿ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة : ٥٢] لكي تشكروا إنعام الله عليكم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٥
﴿ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَآؤُهَا وَلَـاكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ﴾ [الحج : ٣٧] أي لن يتقبل الله اللحوم والدماء ولكن يتقبل التقوى، أو لن يصيب رضا الله اللحوم المتصدق بها ولا الدماء المراقة بالنحر والمراد أصحاب اللحوم والدماء، والمعنى لن يرضي المضحون والمقربون ربهم إلا بمراعاة النية والإخلاص ورعاية شروط التقوى.
وقيل : كان أهل الجاهلية إذا نحروا الإبل نضحوا الدماء حول البيت ولطخوه بالدم، فلما حج المسلمون أرادوا مثل ذلك فنزلت ﴿ كَذَالِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ ﴾ [الحج : ٣٧] أي البدن ﴿ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ ﴾ [الحج : ٣٧] لتسموا الله عند الذبح أو لتعظموا الله ﴿ عَلَى مَا هَدَاـاكُمْ ﴾ [الحج : ٣٧] على ما أرشدكم إليه ﴿ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج : ٣٧] الممتثلين أوامره بالثواب ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ ﴾ [الحج : ٣٨] مكي وبصري وغيرهما يدافع أي يبالغ في الدفع عنهم ﴿ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [الحج : ٣٨] أي يدفع غائلة المشركين عن المؤمنين ونحوه ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [غافر : ٥١] ثم علل ذلك بقوله ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ ﴾ [الحج : ٣٨] في أمانة الله ﴿ كَفُورٍ ﴾ لنعمة الله أي لأنه لا يحب أضدادهم وهم الخونة الكفرة الذين يخونون الله والرسول ويخونون أماناتهم ويكفرون نعم الله ويغمطونها.