﴿ وَمَا ظَلَمْنَـاهُمْ ﴾ [هود : ١٠١] بالعذاب ﴿ وَلَـاكِن كَانُوا هُمُ الظَّـالِمِينَ ﴾ [الزخرف : ٧٦] هم فصل ﴿ وَنَادَوْا يَـامَـالِكُ ﴾ [الزخرف : ٧٧] لما آيسوا من فتور العذاب نادروا يا مالك وهو خازن النار.
وقيل لابن عباس : إن ابن مسعود قرأ " يا مال " فقال : ما أشغل أهل النار عن الترخيم ﴿ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾ [الزخرف : ٧٧] ليمتنامن قضى عليه إذا أماته ﴿ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ﴾ [القصص : ١٥] (القصص : ٥١) والمعنى سل ربك أن يقضي علينا ﴿ قَالَ إِنَّكُم مَّـاكِثُونَ ﴾ [الزخرف : ٧٧] لا بثون في العذاب لا تتخلصون عنه بموت ولا فتور ﴿ لَقَدْ جِئْنَـاكُم بِالْحَقِّ ﴾ [الزخرف : ٧٨] كلام الله تعالى.
ويجب أن يكون في ﴿ قَالَ ﴾ ضمير الله لما سألوا مالكاً أن يسأل القضاء عليهم أجابهم الله بذلك.
وقيل : هو متصل بكلام مالك والمراد بقوله جئناكم الملائكة إذ هم رسل الله وهو منهم ﴿ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَـارِهُونَ ﴾ [الزخرف : ٧٨] لا تقبلونه وتنفرون منه لأن مع الباطل الدعة ومع الحق التعب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨١
﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا ﴾ [الزخرف : ٧٩] أم أحكم مشركو مكة أمراً من كيدهم ومكرهم بمحمد صلى الله عليه وسلّم ﴿ فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ﴾ [الزخرف : ٧٩] كيدنا كما أبرموا كيدهم وكانوا يتنادون فيتناجون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم في دار الندوة ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ﴾ [الزخرف : ٨٠] حديث أنفسهم ﴿ وَنَجْوَاـاهُم ﴾ ما يتحدثون فيما ببينهم ويخفونه عن غيرهم ﴿ بَلَى ﴾ نسمعها ونطلع عليها ﴿ وَرُسُلُنَا ﴾ أي الحفظة ﴿ لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف : ٨٠] عندهم يكتبون ذلك، وعن يحيى بن معاذ : من ستر من الناس عيوبه وأبداها لمن لا تخفى عليه خافية فقد جعله أهون الناظرين إليه وهو من أمارات النفاق.
﴿ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـانِ وَلَدٌ ﴾ [الزخرف : ٨١] وصح ذلك ببرهان ﴿ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَـابِدِينَ ﴾ [الزخرف : ٨١] فأنا أول
١٨٢
من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد إليه كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه، وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والمراد نفي الولد، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد وهي محال في نفسها فكان المعلق بها محالاً مثلها، ونظيره قول سعيد بن جبير للحجاج حين قال له : والله لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى : لو عرفت أن ذلك إليك ما عبدت إلهاً غيرك.
وقيل : إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين أي الموحدين لله المكذبين قولكم بإضافة الولد إليه.
وقيل ؛ إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد، من عبد يعبد إذا اشتد أنفه فهو عبد وعابد.
وقرىء ﴿ الْعَـابِدِينَ ﴾ وقيل : هي " إن " النافية أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال بذلك وعبد ووحد.
وروي أن النضر قال : الملائكة بنات الله فنزلت : فقال النضر : ألا ترون أنه صدقني فقال له الوليد : ما صدقك ولكن قال ما كان للرحمن ولد فأنا أو الموحدين من أهل مكة أن لا ولد له.
﴿ وَلَدٌ ﴾ حمزة وعلي.
ثم نزه ذاته على اتخاذ الولد فقال ﴿ سُبْحَـانَ رَبِّ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الزخرف : ٨٢] أي هو رب السماوات والأرض والعرش فلا يكون جسماً إذ لو كان جسماً لم يقدر على خلقها، وإذا لم يكن جسماً لا يكون له ولد لأن التولد من صفة الأجسام ﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا ﴾ [الزخرف : ٨٣] في باطلهم ﴿ وَيَلْعَبُوا ﴾ في دنياهم ﴿ حَتَّى يُلَـاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِى يُوعَدُونَ ﴾ [الزخرف : ٨٣] أي القيامة، وهذا دليل على أن ما يقولونه من باب الجهل والخوض واللعب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨١
﴿ وَهُوَ الَّذِى فِى السَّمَآءِ إِلَـاهٌ وَفِى الارْضِ إِلَـاهٌ ﴾ [الزخرف : ٨٤] ضمن اسمه تعالى معنى وصف فلذلك علق به الظرف في قوله ﴿ فِى السَّمَآءِ ﴾ [آل عمران : ٥] ﴿ وَفِى الارْضِ ﴾ [الزخرف : ٨٤] كما تقول : هو حاتم في طيّ وحاتم في تغلب.
على تضمين معنى الجواد الذي شهر به كأنك قلت : هو جواد في طيّ
١٨٣