جواد في تغلب.
وقرىء ﴿ وَهُوَ الَّذِى فِى السَّمَآءِ إِلَـاهٌ وَفِى الارْضِ إِلَـاهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴾ ومثله قوله ﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِى السَّمَـاوَاتِ وَفِى الارْضِ ﴾ [الأنعام : ٣] فكأنه ضمن معنى المعبود.
والراجع إلى الموصول محذوف لطول الكلام كقولهم " ما أنا بالذي قائل لك شيئاً " والتقدير : وهو الذي هو في السماء إله.
و ﴿ إِلَـاهٌ ﴾ يرتفع على أنه خبر مبتدأ مضمر ولا يرتفع ﴿ إِلَـاهٌ ﴾ بالابتداء وخبره ﴿ فِى السَّمَآءِ ﴾ [آل عمران : ٥] لخلو الصلة حينئذ من عائد يعود إلى الموصول ﴿ وَهُوَ الْحَكِيمُ ﴾ [الأنعام : ١٨] في أقواله وأفعاله ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بما كان ويكون ﴿ وَتَبَارَكَ الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ﴾ [الزخرف : ٨٥] أي علم قيامها ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة : ٢٤٥] ﴿ يَرْجِعُونَ ﴾ : مكي وحمزة وعلي ﴿ وَلا يَمْلِكُ ﴾ [الزخرف : ٨٦] آلهتهم ﴿ الَّذِينَ يَدْعُونَ ﴾ [الأنعام : ٥٢] أي يدعونهم ﴿ مِن دُونِهِ ﴾ [يس : ٢٣] من دون الله ﴿ الشَّفَـاعَةَ ﴾ كما زعموا أنهم شفعاؤهم عند الله ﴿ إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ ﴾ [الزخرف : ٨٦] أي ولكن من شهد بالحق بكلمة التوحيد ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٧٥] أن الله ربهم حقاً ويعتقدون ذلك هو الذي يملك الشفاعة، وهو استثناء منقطع أو متصل لأن في جملة الذين يدعون من دون الله الملائكة ﴿ وَلَـاـاِن سَأَلْتَهُم ﴾ [التوبة : ٦٥] أي المشركين ﴿ مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف : ٨٧] لا الأصنام والملائكة ﴿ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [العنكبوت : ٦١] فكيف أو من أين يصرفون عن التوحيد مع هذا الإقرار
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨١
﴿ وَقِيلِهِ ﴾ بالجر : عاصم وحمزة أي وعنده علم الساعة وعلم قيله ﴿ يَـارَبِّ ﴾ والهاء يعود إلى محمد صلى الله عليه وسلّم لتقدم ذكره في قوله :﴿ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـانِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَـابِدِينَ ﴾.
وبالنصب : الباقون عطفاً على محل ﴿ السَّاعَةَ ﴾ أي يعلم الساعة ويعلم قيله أي قيل محمد يا رب.
والقيل والقول والمقال واحد، ويجوز أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه.
وجواب القسم ﴿ إِنَّ هؤلاء قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الزخرف : ٨٨] كأنه قيل : وأقسم بقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، وإقسام الله بقيله رفع منه وتعظيم لدعائه والتجائه إليه
١٨٤
﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ﴾ [الزخرف : ٨٩] فأعرض عن دعوتهم يائساً عن إيمانهم وودعهم وتاركهم و ﴿ وَقُلْ ﴾ لهم ﴿ سَلَـامٌ ﴾ أي تسلم منكم ومتاركة ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الحجر : ٣] وعيد من الله لهم وتسلية لرسوله صلى الله عليه وسلّم.
وبالتاء : مدني وشامي.
١٨٥
سورة الدخان
تسع وخمسون آية مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
في الخبر " من قرأها ليلة جمعة أصبح مغفوراً له ".﴿ حم* وَالْكِتَـابِ الْمُبِينِ ﴾ أي القرآن.
الواو في ﴿ وَالْكِتَـابِ ﴾ واو القسم.
إن جعلت ﴿ حم ﴾ تعديداً للحروف، أو اسماً للسورة مرفوعاً على خبر الابتداء المحذوف، وواو العطف إن كانت ﴿ حم ﴾ مقسماً بها وجواب القسم ﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـارَكَةٍ ﴾ [الدخان : ٣] أي ليلة القدر أو ليلة النصف من شعبان.
وقيل : بينها وبين ليلة القدر أربعون ليلة.
والجمهور على الأول لقوله ﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر : ١] (القدر : ١) وقوله ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ ﴾ [البقرة : ١٨٥] (البقرة : ٥٨١) وليلة القدر في أكثر الأقاويل في شهر رمضان.
ثم قالوا : أنزله جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل به جبريل في وقت وقوع الحاجة إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلّم.
وقيل : ابتداء نزوله في ليلة القدر.
والمباركة الكثيرة الخير لما ينزل فيها من الخير والبركة ويستجاب من الدعاء ولو لم يوجد فيها إلا إنزال القرآن وحده لكفى به بركة
١٨٦