﴿ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ ﴾ [الدخان : ١٤] أي وقد جاءهم ما هو أعظم وأدخل في وجوب الاذّكار من كشف الدخان، وهو ما ظهر على رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الآيات والبينات من الكتاب المعجز وغيره فلم يذكروا وتولوا عنه وبهتوه بأن عدّاساً غلاماً أعجمياً لبعض ثقيف هو الذي علمه ونسبوه إلى الجنون ﴿ إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا ﴾ [الدخان : ١٥] زماناً قليلاً أو كشفاً قليلاً ﴿ إِنَّكُمْ عَآ ـاِدُونَ ﴾ [الدخان : ١٥] إلى الكفر الذي كنتم فيه أو إلى العذاب ﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ﴾ [الدخان : ١٦] هي يوم القيامة أو يوم بدر ﴿ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ [الدخان : ١٦] أي ننتقم منهم في ذلك اليوم.
وانتصاب ﴿ يَوْمَ نَبْطِشُ ﴾ [الدخان : ١٦] بـ " اذكر " أو بما دل عليه ﴿ إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ [الدخان : ١٦] وهو ننتقم لا بـ ﴿ مُنتَقِمُونَ ﴾ لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها.
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ ﴾ [الدخان : ١٧] قبل هؤلاء المشركين أي فعلنا بهم فعل المختبر ليظهر منهم ما كان باطناً ﴿ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ﴾ [الدخان : ١٧] على الله وعلى عباده المؤمنين، أو كريم في نفسه حسيب نسيب لأن الله تعالى لم يبعث نبياً إلا من سراة قومه وكرامهم ﴿ أَنْ أَدُّوا إِلَىَّ ﴾ [الدخان : ١٨] هي " أن " المفسرة لأن مجيء الرسول إلى من بعث إليهم متضمن لمعنى القول لأنه لا يجيئهم إلا مبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله، أو المخففة من الثقيلة ومعناه وجاءهم بأن الشأن والحديث أدوا إليّ سلّموا إلي ﴿ عِبَادَ اللَّهِ ﴾ [الدخان : ١٨] هو مفعول به وهم بنو إسرائيل يقول : أدوهم إلي وأرسلوهم معي كقوله :﴿ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ ﴾ [طه : ٤٧] (طه : ٧٤).
ويجوز أن يكون نداء لهم على معنى أدوا إلي يا عباد الله ما هو واجب لي عليكم من الإيمان لي وقبول دعوتي واتباع سبيلي، وعلل ذلك بقوله ﴿ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء : ١٠٧] أي على رسالتي غير متهم ﴿ وَأَن لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ﴾ [الدخان : ١٩] " أن " هذه مثل الأولى في وجهيها أي لا تستكبروا
١٨٩
على الله بالاستهانة برسوله ووحيه، أو لا تستكبروا على نبي الله ﴿ وَأَن لا تَعْلُوا عَلَى ﴾ [الدخان : ١٩] بحجة واضحة تدل على أني نبي ﴿ وَإِنِّى عُذْتُ ﴾ [الدخان : ٢٠] مدغم : أبو عمرو وحمزة وعلي ﴿ بِرَبِّى وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ ﴾ [الدخان : ٢٠] أن تقتلوني رجماً ومعناه أنه عائذ بربه متكل على أنه يعصمه منهم ومن كيدهم فهو غير مبالٍ بما كانوا يتوعدونه من الرجم والقتل ﴿ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُوا لِى فَاعْتَزِلُونِ ﴾ [الدخان : ٢١] أي إن لم تؤمنوا لي فلا موالاة بيني وبين من لا يؤمن فتنحوا عني، أو فخلوني كفافاً لا لي ولا عليّ ولا تتعرضوا لي بشركم وأذاكم، فليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلا حكم ذلك.
، في الحالين : يعقوب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٦
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٩٠


الصفحة التالية
Icon