﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِاَايَاتِ رَبِّهِمْ ﴾ [الجاثية : ١١] لأن آيات ربهم هي القرآن أي هذا القرآن كامل في الهداية كما تقول : زيد رجل أي
١٩٨
كامل في الرجولية ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ ﴾ [سبأ : ٥] هو أشد العذاب ﴿ أَلِيمٍ ﴾ بالرفع : مكي ويعقوب وحفص صفة لعذاب وغيرهم بالجر صفة لرجز ﴿ اللَّهُ الَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِىَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ ﴾ [الجاثية : ١٢] بإذنه ﴿ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ﴾ [النحل : ١٤] بالتجارة أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان واستخراج اللحم الطري ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ جَمِيعًا ﴾ هو تأكيد ما في السماوات وهو مفعول ﴿ سَخَّرَ ﴾ وقيل :﴿ جَمِيعًا ﴾ نصب على الحال ﴿ مِّنْهُ ﴾ حال أي سخر هذه الأشياء كائنة منه حاصلة من عنده، أو خبر مبتدأ محذوف أي هذه النعم كلها منه، أو صفة للمصدر أي تسخيراً منه ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا يَغْفِرُوا ﴾ أي قل لهم اغفروا يغفروا فحذف المقول لأن الجواب يدل عليه.
ومعنى يغفروا يعفوا ويصفحوا.
وقيل : إنه مجزوم بلام مضمر تقديره ليغفرو فهو أمر مستأنف وجاز حذف اللام للدلالة على الأمر ﴿ لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ﴾ [الجاثية : ١٤] لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه من قولهم لوقائع العرب أيام العرب.
وقيل : لا يؤملون الأوقات التي وقتها الله تعالى لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها.
قيل : نزلت في عمر رضي الله عنه حين شتمه رجل من المشركين من بني غفار فهم أن يبطش به ﴿ لِيَجْزِىَ ﴾ تعليل للأمر بالمغفرة أي إنما أمروا بأن يغفروا ليوفيهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة.
وتنكير ﴿ قَوْمَا ﴾ على المدح لهم كأنه قيل : ليجزي أيما قوم و ﴿ قَوْمَا ﴾ مخصوصين بصبرهم على أذى أعدائهم.
} لتجزي } شامي وحمزة وعلي.
﴿ لِيَجْزِىَ قَوْمَا ﴾ [الجاثية : ١٤] يزيد أي ليجزى الخير قوماً فأضمر الخير لدلالة الكلام عليه كما أضمر الشمس في قوله ﴿ حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ (ص : ٢٣) لأن قوله ﴿ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِىِّ ﴾ [ص : ٣١] دليل
١٩٩
على تواري الشمس، وليس التقدير ليجزي الجزاء قوماً لأن المصدر لا يقوم مقام الفاعل ومعك مفعول صحيح، أما إقامة المفعول الثاني مقام الفاعل فجائز وأنت تقول جزاك الله خيراً ﴿ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام : ١٢٩] من الإحسان.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٩٨
﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [فصلت : ٤٦] أي لها الثواب وعليها العقاب ﴿ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [السجدة : ١١] أي إلى جزائه.
﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ الْكِتَابَ ﴾ [الجاثية : ١٦] التوراة ﴿ وَالْحُكْمَ ﴾ الحكمة والفقه أو فصل الخصومات بين الناس لأن الملك كان فيهم ﴿ وَالنُّبُوَّةَ ﴾ خصها بالذكر لكثرة الأنبياء عليهم السلام فيهم ﴿ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [يونس : ٩٣] مما أحل الله لهم وأطاب من الأرزاق ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الجاثية : ١٦] على عالمي زمانهم ﴿ وَءَاتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ ﴾ [الجاثية : ١٧] آيات ومعجزات ﴿ مِّنَ الامْرِ ﴾ [آل عمران : ١٢٨] من أمر الدين ﴿ فَمَا اخْتَلَفُوا ﴾ [الجاثية : ١٧] فما وقع الخلاف بينهم في الدين ﴿ إِلا مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيَا بَيْنَهُمْ ﴾ [آل عمران : ١٩] أي إلا من بعد ما جاءهم ما هو موجب لزوال الخلاف وهو العلم وإنما اختلفوا لبغي حدث بينهم أي لعداوة وحسد بينهم ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [يونس : ٩٣] قيل : المراد اختلافهم في أوامر الله ونواهيه في التوراة حسداً وطلباً للرياسة لا عن جهل يكون الإنسان به معذوراً.
﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ ﴾ [الجاثية : ١٨] بعد اختلاف أهل الكتاب ﴿ عَلَى شَرِيعَةٍ ﴾ [الجاثية : ١٨] على طريقة ومنهاج ﴿ مِّنَ الامْرِ ﴾ [آل عمران : ١٢٨] من أمر الدين ﴿ فَاتَّبِعْهَا ﴾ فاتبع شريعتك الثابتة بالحجج والدلائل ﴿ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية : ١٨] ولا تتبع ما لا حجة عليه من أهواء
٢٠٠


الصفحة التالية
Icon