﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الجاثية : ٣١] فيقال لهم ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ ﴾ [الجاثية : ٣١] والمعنى ألم يأتكم رسلي فلم تكن آياتي تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ﴿ فَاسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ عن الإيمان بها ﴿ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ [الجاثية : ٣١] كافرين ﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ﴾ [الجاثية : ٣٢] بالجزاء ﴿ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ ﴾ [الجاثية : ٣٢] بالرفع عطف على محل " إن " واسمها.
﴿ وَالسَّاعَةُ ﴾ : حمزة عطف على ﴿ وَعْدَ اللَّهِ ﴾ [النور : ٥٥] ﴿ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِى مَا السَّاعَةُ ﴾ [الجاثية : ٣٢] أي شيء الساعة ﴿ إِن نَّظُنُّ إِلا ظَنًّا ﴾ [الجاثية : ٣٢] أصله نظن ظناً ومعناه إثبات الظن فحسب فأدخل حرف النفي والاستثناء ليفاد إثبات الظن مع نفي ما سواه، وزيد نفي ما سوى الظن توكيداً بقوله ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ * وَبَدَا لَهُمْ ﴾ ظهر لهؤلاء الكفار ﴿ سيئات مَا عَمِلُوا ﴾ [النحل : ٣٤] قبائح أعمالهم أو عقوبات أعمالهم السيئات كقوله :﴿ وَجَزَاؤُا سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴾ [الشورى : ٤٠] (الشورى : ٠٤) ﴿ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ [هود : ٨] ونزل بهم جزاء استهزائهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٣
﴿ وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَـاـاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـاذَا ﴾ [الجاثية : ٣٤] أي نترككم في العذاب كما تركتم عدة لقاء يومكم وهي الطاعة، وإضافة اللقاء إلى اليوم كإضافة المكر في
٢٠٤
قوله ﴿ بَلْ مَكْرُ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾ [سبأ : ٣٣] (سبأ : ٣٣) أي نسيتم لقاء الله تعالى في يومكم هذا ولقاء جزائه ﴿ وَمَأْوَاـاكُمُ النَّارُ ﴾ [العنكبوت : ٢٥] أي منزلكم ﴿ وَمَا لَكُم مِّن نَّـاصِرِينَ ﴾ العذاب ﴿ بِأَنَّكُمُ ﴾ بسبب أنكم ﴿ اتَّخَذْتُمْ ءَايَـاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا ﴾ [الجاثية : ٣٥] ﴿ لا يُخْرَجُونَ ﴾ [الحشر : ١٢] حمزة وعلي ﴿ وَلا هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ ﴾ [النحل : ٨٤] ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أي يرضوه ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَـاوَاتِ وَرَبِّ الارْضِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ ﴾ [الجاثية : ٣٦] أي فاحمدوا الله الذي هو ربكم ورب كل شيء من السماوات والأرض والعالمين، فإن مثل هذه الربوبية العامة توجب الحمد والثناء على كل مربوب ﴿ وَلَهُ الْكِبْرِيَآءُ فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [الجاثية : ٣٧] وكبّروه فقد ظهرت آثار كبريائه وعظمته في السماوات والأرض ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ ﴾ [إبراهيم : ٤] في انتقامه ﴿ الْحَكِيمِ ﴾ في أحكامه.
٢٠٥
سورة الأحقاف
مكية وهي خمس وثلاثون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ حم ﴾ ملتبساً بالحق ﴿ وَأَجَلٌ مُّسَمًّى ﴾ [طه : ١٢٩] وبتقدير أجل مسمى ينتهي إليه وهو يوم القيامة ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّآ أُنذِرُوا ﴾ [الأحقاف : ٣] عما أنذروه من هول ذلك اليوم الذي لا بد لكل مخلوق من انتهائه إليه ﴿ مُّعْرِضُونَ ﴾جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٦
لا يؤمنون به ولا يهتمون بالاستعداد له، ويجوز أن تكون " ما " مصدرية أي عن إنذارهم ذلك اليوم ﴿ قُلْ أَرَءَيْتُمْ ﴾ [يونس : ٥٠] أخبروني ﴿ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [الزمر : ٣٨] تعبدونه من الأصنام ﴿ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الارْضِ ﴾ [فاطر : ٤٠] أي شيء خلقوا مما في الأرض إن كانوا آلهة ﴿ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّمَـاوَاتِ ﴾ [فاطر : ٤٠] شركة مع الله في خلق السماوات والأرض ﴿ ائْتُونِى بِكِتَـابٍ مِّن قَبْلِ هَـاذَآ ﴾ [الأحقاف : ٤] أي من قبل هذا الكتاب وهو القرآن يعني أن هذا الكتاب ناطق بالتوحيد وإبطال الشرك، وما من كتاب أنزل من قبله من كتب الله إلا وهو ناطق بمثل ذلك، فأتوا
٢٠٦
بكتاب واحد منزل من قبله شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله ﴿ أَوْ أَثَـارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ ﴾ [الأحقاف : ٤] أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين ﴿ إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ ﴾ [البقرة : ٢٣] أن الله أمركم بعبادة الأوثان.