﴿ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِى إِسْرَاءِيلَ ﴾ [الأحقاف : ١٠] هو عبد الله بن سلام عند الجمهور ولهذا قيل : إن هذه الآية مدنية لأن إسلام بن سلام بالمدينة.
روي أنه لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلّم المدينة نظر إلى وجهه فعلم أنه ليس بوجه كذاب.
قال له : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي : ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزعه وإن سبق ماء المرأة نزعته.
فقال : أشهد أنك رسول الله حقاً.
﴿ عَلَى مِثْلِهِ ﴾ [الأحقاف : ١٠] الضمير للقرآن أي مثله في المعنى وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعاني القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك، ويجوز أن يكون المعنى إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد على نحو ذلك يعني كونه من عند الله ﴿ فَـاَامَنَ ﴾ الشاهد ﴿ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ عن الإيمان به.
وجواب الشرط محذوف تقديره إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين، ويدل على هذا المحذوف.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـالِمِينَ ﴾ [المائدة : ٥١] والواو الأولى عاطفة لـ ﴿ كَفَرْتُمْ ﴾ على فعل الشرط، وكذلك الواو الأخيرة عاطفة لـ ﴿ اسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ على ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ ﴾، وأما الواو في ﴿ وَشَهِدَ ﴾ فقد عطفت جملة قوله ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِى إِسْرَاءِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَـاَامَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ﴾ على جملة قوله ﴿ كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ ﴾ [الأحقاف : ١٠] والمعنى قل أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به، واجتمع شهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله، فإيمانه به مع استكباركم عنه وعن الإيمان به، ألستم أضل الناس وأظلمهم؟.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٦
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [العنكبوت : ١٢] أي لأجلهم وهو كلام كفار مكة قالوا : إن عامة من يتبع محمداً السقاط يعنون الفقراء مثل عمار وصهيب وابن مسعود ﴿ لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ ﴾ [الأحقاف : ١١] لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقنا إليه هؤلاء ﴿ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ ﴾ [الأحقاف : ١١] العامل في " إذ " محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم وقوله ﴿ فَسَيَقُولُونَ هَـاذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾ [الأحقاف : ١١] مسبب عنه وقولهم ﴿ إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾ [الأحقاف : ١١] أي كذب
٢٠٩
متقادم كقولهم أساطير الأولين ﴿ وَمِن قَبْلِهِ ﴾ [هود : ١٧] أي القرآن ﴿ كِتَـابُ مُوسَى ﴾ [هود : ١٧] أي التوراة وهو مبتدأ و ﴿ مِن قَبْلِهِ ﴾ [الإسراء : ١٠٧] ظرف واقع خبراً مقدماً عليه وهو ناصب ﴿ إِمَامًا ﴾ على الحال نحو : في الدار زيد قائماً.
ومعنى ﴿ إِمَامًا ﴾ قدوة يؤتم به في دين الله وشرائعه كما يؤتم بالإمام ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ لمن آمن به وعمل بما فيه ﴿ وَهَـاذَآ ﴾ القرآن ﴿ كِتَـابٌ مُّصَدِّقٌ ﴾ [الأحقاف : ١٢] لكتاب موسى أو لما بين يديه وتقدمه من جميع الكتب ﴿ لِّسَانًا عَرَبِيًّا ﴾ [الأحقاف : ١٢] حال من ضمير الكتاب في ﴿ مُّصَدِّقُ ﴾ والعامل فيه ﴿ مُّصَدِّقُ ﴾ أو من كتاب لتخصصه بالصفة ويعمل فيه معنى الإشارة، وجوز أن يكون مفعولاً لـ ﴿ مُّصَدِّقُ ﴾ أي يصدق ذا لسان عربي وهو الرسول ﴿ لِّيُنذِرَ ﴾ أي الكتاب، ﴿ لِّتُنذِرَ ﴾ حجازي وشامي.
﴿ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ [البقرة : ١٦٥] كفروا ﴿ وَبُشْرَى ﴾ في محل النصب معطوف على محل ﴿ لِّيُنذِرَ ﴾ لأنه مفعول له ﴿ لِّلْمُحْسِنِينَ ﴾ للمؤمنين المطيعين.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٦


الصفحة التالية
Icon