﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَـامُوا ﴾ [فصلت : ٣٠] على توحيد الله وشريعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلّم ﴿ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ [البقرة : ٣٨] في القيامة ﴿ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة : ٣٨] عند الموت ﴿ أؤلئك أَصْحَـابُ الْجَنَّةِ خَـالِدِينَ فِيهَا ﴾ [الأحقاف : ١٤] حال من ﴿ أَصْحَـابَ الْجَنَّةِ ﴾ [القلم : ١٧] والعامل فيه معنى الإشارة الذي دل عليه ﴿ أؤلئك ﴾ ﴿ جَزَآءَ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة : ١٧] جزاء مصدر لفعل دل عليه الكلام أي جوزوا جزاء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢١٠
﴿ وَوَصَّيْنَا الانسَـانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَـانًا ﴾ [الأحقاف : ١٥] كوفي أي وصيناه بأن يحسن بوالديه إحساناً، ﴿ حَسَنًا ﴾ غيرهم أي وصيناه بوالديه أمراً ذا حسن أو بأمر ذي حسن، فهو في
٢١٠
موضع البدل من قوله ﴿ بِوَالِدَيْهِ ﴾ وهو من بدل الاشتمال ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ﴾ [الأحقاف : ١٥] وبفتح الكافين : حجازي وأبو عمرو وهما لغتان في معنى المشقة، وانتصابه على الحال أي ذات كره، أو على أنه صفة للمصدر أي حملاً ذاكره ﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَـالُهُ ﴾ [الأحقاف : ١٥] ومدة حمله وفطامه ﴿ ثَلَـاثُونَ شَهْرًا ﴾ [الأحقاف : ١٥] وفيه دليل على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر لأن مدة الرضاع إذا كانت حولين لقوله تعالى :﴿ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ [البقرة : ٢٣٣] (البقرة : ٣٣٢) بقيت للحمل ستة أشهر، وبه قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : المراد به الحمل بالأكف.
﴿ وَفِصَـالُهُ ﴾ يعقوب.
والفصل والفصال كالفطم والفطام بناء ومعنى ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ ﴾ [الأحقاف : ١٥] هو جمع لا واحد له من لفظه، وكان سيبويه يقول : واحده شدة، وبلوغ الأشد أن يكتهل ويستوفي السن التي تستحكم فيها قوته وعقله وذلك إذا أناف على الثلاثين وناطح الأربعين.
وعن قتادة : ثلاث وثلاثون سنة ووجهه أن يكون ذلك أول الأشد وغايته الأربعون.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢١٠
﴿ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى ﴾ [الأحقاف : ١٥] ألهمني ﴿ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَىَّ ﴾ المراد به نعمة التوحيد والإسلام، وجمع بين شكري النعمة عليه وعلى والديه لأن النعمة عليهما نعمة عليه ﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَـالِحًا تَرْضَـاـاهُ ﴾ [النمل : ١٩] قيل : هي الصلوات الخمس ﴿ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِى ﴾ أي اجعل ذريتي موقعاً للصلاح ومظنة له ﴿ إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ ﴾ [الأحقاف : ١٥] من كل ذنب ﴿ وَإِنِّى مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف : ١٥] من المخلصين ﴿ أؤلئك الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـاَاتِهِمْ ﴾ [الأحقاف : ١٦] حمزة وعلي وحفص.
﴿ يُتَقَبَّلْ ﴾ ﴿ هُمْ أَحْسَنُ ﴾ [مريم : ٧٤] غيرهم ﴿ فِى أَصْحَـابِ الْجَنَّةِ ﴾ [الأحقاف : ١٦] هو كقولك : أكرمني الأمير في ناس من أصحابه تريد أكرمني في جملة من أكرم منهم ونظمني في عدادهم، ومحله النصب على الحال على معنى كائنين في أصحاب الجنة ومعدودين فيهم ﴿ وَعْدَ الصِّدْقِ ﴾ [الأحقاف : ١٦] مصدر مؤكد لأن قوله ﴿ يُتَقَبَّلْ ﴾ وعد من الله لهم بالتقبل والتجاوز.
قيل : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي أبيه أبي قحافة وأمه أم الخير وفي أولاده واستجابة دعائه فيهم، فإنه آمن بالنبي صلى الله عليه وسلّم وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ودعا لهما وهو ابن أربعين سنة ولم يكن أحد من الصحابة من المهاجرين منهم والأنصار أسلم هو
٢١١
ووالداه وبنوه وبناته غير أبي بكر رضي الله عنه ﴿ الصِّدْقِ الَّذِى كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [الأحقاف : ١٦] في الدنيا.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢١٠


الصفحة التالية
Icon