﴿ فَلَمَّا قَضَى ﴾ [الأحزاب : ٣٧] أي فرغ النبي صلى الله عليه وسلّم من القراءة ﴿ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ﴾ [الأحقاف : ٢٩] إياهم ﴿ قَالُوا يَـاقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى ﴾ [الأحقاف : ٣٠] وإنما قالوا ﴿ مِن بَعْدِ مُوسَى ﴾ [البقرة : ٢٤٦] لأنهم كانوا على اليهودية.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام ﴿ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [فاطر : ٣١] من الكتب ﴿ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ ﴾ [يونس : ٣٥] إلى الله تعالى ﴿ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَـاقَوْمَنَآ أَجِيبُوا دَاعِىَ اللَّهِ ﴾ أي محمداً صلى الله عليه وسلّم ﴿ وَءَامِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأحقاف : ٣١] قال أبو حنيفة رضي الله عنه : لا ثواب لهم إلا النجاة من النار لهذه الآية.
وقال مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله : لهم الثواب والعقاب.
وعن الضحاك : أنهم يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون لقوله تعالى ﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَآنٌّ ﴾ [الرحمن : ٥٦] (الرحمن : ٦٥).
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢١٤
﴿ وَمَن لا يُجِبْ دَاعِىَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى الارْضِ ﴾ [الأحقاف : ٣٢] أي لا ينجي منه مهرب ﴿ بِخَلْقِهِنَّ ﴾ هو
٢١٧
كقوله ﴿ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾ [ق : ٣٨] (ق : ٨٣) ويقال : عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه ﴿ بِقَـادِرٍ ﴾ محله الرفع لأنه خبر " أنّ " يدل عليه قراءة عبد الله قادر.
وإنما دخلت الباء لاشتمال النفي في أول الآية على " أن " وما في حيزها وقال الزجاج : لو قلت ما ظننت أن زيداً بقائم جاز كأنه قيل : أليس الله بقادر؟ ألا ترى إلى وقوع " بلى " مقررة للقدرة على كل شيء من البعث وغيره لا لرؤيتهم ﴿ عَلَى أَن يُحِْـاىَ الْمَوْتَى ﴾ هو جواب للنفي ﴿ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ * وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ﴾ يقال لهم ﴿ أَلَيْسَ هَـاذَا بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام : ٣٠] وناصب الظرف القول المضمر وهذا إشارة إلى العذاب ﴿ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ [الأنعام : ٣٠] بكفركم في الدنيا.
﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ ﴾ [الأحقاف : ٣٥] أولوا الجد والثبات والصبر ﴿ مِّنَ الرُّسُلِ ﴾ [المائدة : ١٩] " من " للتبعيض والمراد بأولي العزم ما ذكر في الأحزاب :﴿ وَإِذَآ ﴾ (الآية : ٧).
ويونس ليس منهم لقوله ﴿ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ ﴾ [القلم : ٤٨] (القلم : ٨٤) وكذا آدم لقوله ﴿ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ [طه : ١١٥] (طه : ٥١١) أو للبيان فيكون ﴿ أُوْلُوا الْعَزْمِ ﴾ صفة ﴿ الرُّسُلَ ﴾ كلهم ﴿ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ﴾ [الأحقاف : ٣٥] لكفار قريش بالعذاب أي لا تدع لهم بتعجيله فإنه نازل بهم لا محالة وإن تأخر ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَار ﴾ [الأحقاف : ٣٥] أي أنهم يستقصرون حينئذ مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبوها ساعة من نهار ﴿ بَلَـاغٌ ﴾ هذا بلاغ أي هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة أو هذا تبليغ من الرسول ﴿ فَهَلْ يُهْلَكُ ﴾ [الأحقاف : ٣٥] هلاك عذاب.
والمعنى فلن يهلك بعذاب الله ﴿ إِلا الْقَوْمُ الْفَـاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف : ٣٥] أي المشركون الخارجون عن الاتعاظ به والعمل بموجبه قال عليه السلام " من قرأ سورة الأحقاف كتب الله له عشرة حسنات بعدد كل رملة في الدنيا ".
٢١٨
سورة محمد صلى الله عليه وسلّم
، وقيل سورة القتال
مدنية وقيل مكية وهي ثمان وثلاثون آية أو تسع وثلاثون آية