﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ﴾ [محمد : ٣٤] قيل : هم أصحاب القليب والظاهر العموم ﴿ فَلا تَهِنُوا ﴾ [محمد : ٣٥] فلا تضعفوا ولا تذلوا للعدو ﴿ وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ﴾ [محمد : ٣٥] وبالكسر : حمزة وأبو بكر وهما المسالة أي ولا تدعوا الكفار إلى الصلح ﴿ وَأَنتُمُ الاعْلَوْنَ ﴾ [آل عمران : ١٣٩] أي الأغلبون وتدعوا مجزوم لدخوله في حكم النهي ﴿ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ﴾ [محمد : ٣٥] بالنصرة أي ناصركم ﴿ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَـالَكُمْ ﴾ [محمد : ٣٥] ولن ينقصكم أجر أعمالكم ﴿ إِنَّمَا الْحَيَواةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾ [محمد : ٣٦] تنقطع في أسرع مدة ﴿ وَإِن تُؤْمِنُوا ﴾ [آل عمران : ١٧٩] بالله ورسوله ﴿ وَتَتَّقُوا ﴾ الشرك ﴿ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ﴾ [محمد : ٣٦] ثواب إيمانكم وتقواكم ﴿ وَلا يَسْـاَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ﴾ [محمد : ٣٦] أي لا يسألكم جميعها بل ربع العشر، والفاعل الله أو الرسول وقال سفيان بن عيينة : غيضاً من فيض ﴿ إِن يَسْـاَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ ﴾ أي يجهدكم ويطلبه كله والإحفاء المبالغة وبلوغ الغاية في كل شيء.
يقال : أحفاه في المسئلة إذا لم يترك شيئاً من الإلحاح، وأحفى شاربه إذا استأصله ﴿ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ ﴾ [محمد : ٣٧] أي الله أو البخل ﴿ أَضْغَـانَكُمْ ﴾ عند الامتناع أو عند سؤال الجميع لأنه عند مسئلة المال تظهر العداوة والحقد.
٢٢٨
﴿ هَـاأَنتُمْ ﴾ هاللتنبيه ﴿ هؤلاء ﴾ موصول بمعنى الذين صلته ﴿ تُدْعَوْنَ ﴾ أي أنتم الذين تدعون ﴿ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [محمد : ٣٨] هي النفقة في الغزو أو الزكاة كأنه قيل : الدليل على أنه لو أحفاكم لبخلتم وكرهتم العطاء أنكم تدعون إلى أداء ربع العشر ﴿ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ﴾ [محمد : ٣٨] بالرفع لأن من هذه ليست للشرط أي فمنكم ناس يبخلون به ﴿ وَمَن يَبْخَلْ ﴾ [محمد : ٣٨] بالصدقة وأداء الفريضة ﴿ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ﴾ [محمد : ٣٨] أي يبخل عن داعي نفسه لا عن داعي ربه.
وقيل : يبخل على نفسه يقال بخلت عليه وعنه ﴿ وَاللَّهُ الْغَنِىُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَآءُ ﴾ [محمد : ٣٨] أي أنه لا يأمر بذلك لحاجته إليه لأنه غني عن الحاجات ولكن لحاجتكم وفقركم إلى الثواب ﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْا ﴾ [الفتح : ١٦] وإن تعرضوا أيها العرب عن طاعته وطاعة رسوله والإنفاق في سبيله، وهو معطوف على ﴿ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا ﴾ [آل عمران : ١٧٩] ﴿ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾ [محمد : ٣٨] يخلق قوماً خيراً منكم وأطوع وهم فارس وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال : هذا وقومه، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناله رجال من فارس ﴿ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَـالَكُم ﴾ [محمد : ٣٨] أي ثم لا يكونوا في الطاعة أمثالكم بل أطوع منكم.
٢٢٩
سورة الفتح
مدنية وهي تسع وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ﴾ [الفتح : ١] الفتح الظفر بالبلد عنوة أو صلحاً بحرب أو بغير حرب، لأنه مغلق ما لم يظفر به فإذا ظفر به فقد فتح، ثم قيل هو فتح مكة وقد نزلت مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن مكة عام الحديبية عدة له بالفتح.
وجيء به على لفظ الماضي لأنها في تحققها بمنزلة الكائنة وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخبر عنه وهو الفتح ما لا يخفى.
وقيل : هو فتح الحديبية ولم يكن فيه قتال شديد ولكن ترامٍ بين القوم بسهام وحجارة، فرمى المسلمون المشركين حتى أدخلوهم ديارهم وسألوا الصلح فكان فتحاً مبيناً وقال الزجاج : كان في فتح الحديبية آية للمسلمين عظيمة، وذلك أنه نزح ماؤها ولم يبق فيها قطرة فتمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم مجه في البئر فدرت بالماء حتى شرب جميع الناس.
وقيل : هو فتح خيبر.
وقيل : معناه قضينا لك قضاء بيناً على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك من قابل لتطوفوا بالبيت من الفتاحة وهي الحكومة.
٢٣٠


الصفحة التالية
Icon