جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٥
﴿ بِبَطْنِ مَكَّةَ ﴾ [الفتح : ٢٤] أي بمكة أو بالحديبية لأن بعضها منسوب إلى الحرم ﴿ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفتح : ٢٤] أي أقدركم وسلطكم ﴿ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الأحزاب : ٩] وبالياء : أبو عمرو ﴿ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْىَ ﴾ [الفتح : ٢٥] هو ما يهدي إلى الكعبة.
ونصبه عطفاً على " كم " في ﴿ صَدُّوكُمْ ﴾ أي وصدوا الهدي ﴿ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ ﴾ [الفتح : ٢٥] محبوساً أن يبلغ، و ﴿ مَعْكُوفًا ﴾ حال.
وكان عليه السلام ساق سبعين بدنة ﴿ مَحِلَّهُ ﴾ مكانه الذي يحل فيه نحره أي يجب، وهذا دليل على أن المحصر محل هديه الحرم والمراد المعهود وهو منى ﴿ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَـاتٌ ﴾ [الفتح : ٢٥] بمكة ﴿ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ ﴾ [الفتح : ٢٥] صفة للرجال والنساء جميعاً ﴿ أَن تَطَـاُوهُمْ ﴾ [الفتح : ٢٥] بدل اشتمال منهم أو من الضمير المنصوب في ﴿ تَعْلَمُوهُمْ ﴾ ﴿ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةُ ﴾ [الفتح : ٢٥] إثم وشدة وهي مفعلة من عره بمعنى عراه إذا دهاه ما يكرهه ويشق عليه وهو الكفارة إذا قتله خطأ، وسوء قالة المشركين أنهم فعلوا بأهل دينهم مثل ما فعلوا بنا من غير تمييز والإثم إذا قصر.
﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [النحل : ٢٥] متعلق بـ ﴿ أَن تَطَـاُوهُمْ ﴾ [الفتح : ٢٥] يعني أن تطئوهم غير عالمين بهم.
والوطء عبارة عن الإيقاع والإبادة.
والمعنى أنه كان بمكة قوم من المسلمين مختلطون بالمشركين غير متميزين منهم فقيل : ولولا كراهة أن تهلكوا ناساً مؤمنين بين ظهراني المشركين وأنتم غير عارفين بهم فيصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقة لما كف أيديكم عنهم.
وقوله
٢٣٨
﴿ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِى رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ ﴾ [الفتح : ٢٥] تعليل لما دلت عليه الآية وسيقت له من كف الأيدي عن أهل مكة والمنع عن قتلهم صوناً لمن بين أظهرهم من المؤمنين كأنه قال : كان الكف ومنع التعذيب ليدخل الله في رحمته أي في توفيقه لزيادة الخير والطاعة مؤمنيهم، أو ليدخل في الإسلام من رغب فيه من مشركيهم ﴿ لَوْ تَزَيَّلُوا ﴾ [الفتح : ٢٥] لو تفرقوا وتميز المسلمون من الكافرين، وجواب " لولا " محذوف أغنى عنه جواب " لو "، ويجوز أن يكون لو تزيلوا كالتكرير لـ ﴿ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ ﴾ لمرجعهما إلى معنى واحد، ويكون ﴿ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الفتح : ٢٥] هو الجواب تقديره ولولا أن تطؤوا رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات ولو كانوا متميزين لعذبناهم بالسيف ﴿ مِّنْهُم ﴾ من أهل مكة ﴿ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء : ١٨].
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٥
والعامل في ﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الفتح : ٢٦] أي قريش لعذبنا أي لعذبناهم في ذلك الوقت أو اذكر ﴿ فِى قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَـاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الفتح : ٢٦] المراد بحمية الذين كفروا وهي الأنفة وسكينة المؤمنين وهي الوقار ما يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما نزل بالحديبية بعث قريش سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزي ومكرز بن حفص على أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلّم أن يرجع من عامه ذلك على أن تخلي له قريش مكة من العام القابل ثلاثة أيام ففعل ذلك وكتبوا بينهم كتاباً.
فقال عليه السلام لعلي رضي الله عنه : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال سهيل وأصحابه : ما نعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم.
ثم قال : اكتب هذا ما صالح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم أهل مكة.
فقالوا : لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة.
فقال عليه السلام : اكتب ما يريدون فأنا أشهد أني رسول الله وأنا محمد بن عبد الله فهمّ المسملون أن يأبوا ذلك ويشمئزوا منه فأنزل الله على رسوله السكينة فتوقروا وحلموا ﴿ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ﴾ [الفتح : ٢٦] الجمهور على أنها كلمة الشهادة.
وقيل : بسم
٢٣٩