﴿ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ ﴾ [الذاريات : ٢٩] في صيحة من صر القلم والباب، قال الزجاج : الصرة شدة الصياح ههنا ومحله النصب على الحال أي فجاءت صارة.
وقيل : فأخذت في صياح وصرتها قولها يا ويلتا ﴿ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ﴾ [الذاريات : ٢٩] فلطمت ببسط يديها.
وقيل : فضربت بأطراف أصابعها جبهتها فعل المتعجب ﴿ وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ﴾ [الذاريات : ٢٩] أي أنا عجوز فكيف ألد كما قال في موضع آخر ﴿ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـاذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ ﴾ [هود : ٧٢] (هود : ٢٧) ﴿ قَالُوا كَذَالِكِ ﴾ [الذاريات : ٣٠] مثل ذلك الذي قلنا وأخبرنا به ﴿ قَالَ رَبُّكِ ﴾ [الذاريات : ٣٠] أي إنما نخبرك عن الله تعالى والله قادر على ما تستبعدين ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ ﴾ [الذاريات : ٣٠] في فعله ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ فلا يخفى عليه شيء.
وروي أن جبريل قال لها حين استبعدت : انظري إلى سقف بيتك فنظرت فإذا جذوعه مورقة مثمرة.
ولما علم أنهم ملائكة وأنهم لا ينزلون إلا بأمر الله رسلاً في بعض الأمور.
﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ ﴾ [الحجر : ٥٧] أي فما شأنكم وما طلبتكم وفيم أرسلتم؟
٢٧١
﴿ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾ [الحجر : ٥٧] أرسلتم بالبشارة خاصة أو لأمر آخر أولهما ﴿ قَالُوا إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴾ [الحجر : ٥٨] أي قوم لوط ﴿ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ ﴾ [الذاريات : ٣٣] أريد السجيل وهو طين طبخ كما يطبخ الآجر حتى صار في صلابة الحجارة ﴿ مُّسَوَّمَةً ﴾ معلمة من السومة وهي العلامة على كل واحد منها اسم من يهلك به ﴿ عِندَ رَبِّكَ ﴾ [الكهف : ٤٦] في ملكه وسلطانه ﴿ لِلْمُسْرِفِينَ ﴾ سماهم مسرفين كما سماهم عادين لإسرافهم وعدوانهم في عملهم حيث لم يقتنعوا بما أبيح لهم ﴿ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا ﴾ [الذاريات : ٣٥] في القرية ولم يجر لها ذكر لكونها معلومة ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام : ٢٧] يعني لوطاً ومن آمن به ﴿ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الذاريات : ٣٦] أي غير أهل بيت وفيه دليل على أن الإيمان والإسلام واحد لأن الملائكة سموهم مؤمنين ومسلمين هنا ﴿ وَتَرَكْنَا فِيهَآ ﴾ [الذاريات : ٣٧] في قراهم ﴿ ءَايَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الالِيمَ ﴾ [الذاريات : ٣٧] علامة يعتبر بها الخائفون دون القاسية قلوبهم.
قيل : هي ماء أسود منتن.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٦٩
﴿ وَفِى مُوسَى ﴾ [الذاريات : ٣٨] معطوف على ﴿ وَفِى الارْضِ ءَايَـاتٌ ﴾ [الذاريات : ٢٠] أو على قوله ﴿ وَتَرَكْنَا فِيهَآ ءَايَةً ﴾ [الذاريات : ٣٧] على معنى وجعلنا في موسى آية كقوله.
علفتها تبناً وماء بارداً
﴿ إِذْ أَرْسَلْنَـاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَـانٍ مُّبِينٍ ﴾ [الذاريات : ٣٨] بحجة ظاهرة وهي اليد والعصا ﴿ فَتَوَلَّى ﴾ فأعرض عن الإيمان ﴿ بِرُكْنِهِ ﴾ بما كان يتقوى به من جنوده وملكه، والركن ما يركن إليه الإنسان من مال وجند ﴿ وَقَالَ سَـاحِرٌ ﴾ [الذاريات : ٣٩] أي هو ساحر ﴿ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَـاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * فَأَخَذْنَـاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـاهُمْ فِى الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ آتٍ بما يلام عليه من كفره
٢٧٢
وعناده.
وإنما وصف يونس عليه السلام به في قوله ﴿ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ [الصافات : ١٤٢] (الصافات) ٢٤١) لأن موجبات اللوم تختلف وعلى حسب اختلافها تختلف مقادير اللوم، فراكب الكفر ملوم على مقداره، وراكب الكبيرة والصغيرة والذلة كذلك، والجملة مع الواو حال من الضمير في ﴿ فَأَخَذْنَـاهُ ﴾.
﴿ وَفِى عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ﴾ [الذاريات : ٤١] هي التي لا خير فيها من إنشاء مطر أو إلقاح شجر وهي ريح الهلاك، واختلف فيها والأظهر أنها الدبور لقوله عليه السلام :" نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ".
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٧٢


الصفحة التالية
Icon