﴿ مَا تَذَرُ مِن شَىْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾ [الذاريات : ٤٢] هو كل ما رم أي بلي وتفتت من عظم أو نبات أو غير ذلك، والمعنى ما تترك من شيء هبت عليه من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم إلا أهلكته ﴿ وَفِى ثَمُودَ ﴾ [الذاريات : ٤٣] آية أيضاً ﴿ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ﴾ [الذاريات : ٤٣] تفسيره قوله ﴿ تَمَتَّعُوا فِى دَارِكُمْ ثَلَـاثَةَ أَيَّامٍ ﴾ [هود : ٦٥] (هود : ٥٦) ﴿ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ﴾ [الذاريات : ٤٤] فاستكبروا عن امتثاله ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّـاعِقَةُ ﴾ [النساء : ١٥٣] العذاب وكل عذاب مهلك صاعقة ﴿ الصَّـاعِقَةُ ﴾ علي وهي المرة من مصدر صعقتهم الصاعقة ﴿ وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ [الانفال : ٦] لأنها كانت نهاراً يعاينونها ﴿ فَمَا اسْتَطَـاعُوا مِن قِيَامٍ ﴾ [الذاريات : ٤٥] أي هرب أو هو من قولهم ما يقوم به إذا عجز عن دفعه ﴿ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ ﴾ [الذاريات : ٤٥] ممتنعين من العذاب أو لم يمكنهم مقابلتنا بالعذاب لأن معنى الانتصار المقابلة ﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ ﴾ [الفرقان : ٣٧] أي وأهلكنا قوم نوح لأن ما قبله يدل عليه، أو واذكر قوم
٢٧٣
نوح.
وبالجر أبو عمرو وعلي وحمزة أي وفي قوم نوح آية ويؤيده قراءة عبد الله ﴿ قَوْمُ نُوحٍ ﴾ ﴿ مِّن قَبْلُ ﴾ [يوسف : ٦] من قبل هؤلاء المذكورين ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَـاسِقِينَ ﴾ [النمل : ١٢] كافرين.
﴿ وَالسَّمَآءَ ﴾ نصب بفعل يفسره ﴿ بَنَيْنَـاهَا ﴾ بقوة والأيد القوة ﴿ بِأَيايْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ [الذاريات : ٤٧] لقادرون من الوسع وهي الطاقة والموسع القوي على الإنفاق أو لموسعون ما بين السماء والأرض ﴿ وَالارْضَ فَرَشْنَـاهَا ﴾ [الذاريات : ٤٨] بسطناها ومهدناها وهي منصوبة بفعل مضمر أي فرشنا الأرض فرشناها ﴿ فَنِعْمَ الْمَـاهِدُونَ ﴾ [الذاريات : ٤٨] نحن ﴿ وَمِن كُلِّ شَىْءٍ ﴾ [الذاريات : ٤٩] من الحيوان ﴿ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾ [الذاريات : ٤٩] ذكراً وأنثى.
وعن الحسن : السماء والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر والموت والحياة، فعدد أشياء وقال كل اثنين منها زوج والله تعالى فرد لا مثل له ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام : ١٥٢] أي فعلنا ذلك كله من بناء السماء وفرش الأرض وخلق الأزواج لتتذكروا فتعرفوا الخالق وتعبدوه ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾ [الذاريات : ٥٠] أي من الشرك إلى الإيمان بالله أو من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن أو مما سواه إليه ﴿ إِنِّى لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَـاهًا ءَاخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ والتكرير للتوكيد والإطالة في الوعيد أبلغ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٧٢
﴿ كَذَالِكِ ﴾ الأمر مثل ذلك وذلك إشارة إلى تكذيبهم الرسول وتسميته ساحراً أو مجنوناً.
ثم فسر ما أجمل بقوله ﴿ مَآ أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم ﴾ [الذاريات : ٥٢] من قبل قومك ﴿ مِّن رَّسُولٍ إِلا قَالُوا ﴾ [الذاريات : ٥٢] هو ﴿ سَـاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ [الذاريات : ٣٩] رموهم بالسحر أو الجنون لجهلهم ﴿ أَتَوَاصَوْا بِهِ ﴾ [الذاريات : ٥٣] الضمير للقول أي أتواصى الأولون والآخرون بهذا القول حتى قالوه جميعاً متفقين عليه ﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [الذاريات : ٥٣] أي لم يتواصوا به لأنهم لم
٢٧٤