﴿ وَأَمْدَدْنَـاهُم ﴾ وزدناهم في وقت بعد وقت ﴿ بِفَـاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [الطور : ٢٢] وإن لم يقترحوا ﴿ يَتَنَـازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا ﴾ [الطور : ٢٣] خمراً أي يتعاطون ويتعاورون هم وجلساؤهم من أقربائهم يتناول هذا الكأس من يد هذا وهذا من يد هذا ﴿ لا لَغْوٌ فِيهَا ﴾ [الطور : ٢٣] في شربها ﴿ وَلا تَأْثِيمٌ ﴾ [الطور : ٢٣] أي لا يجري بينهم ما يلغي يعني لا يجري بينهم باطل ولا ما فيه إثم لو فعله فاعل في دار التكليف من الكذب والشتم ونحوهما كشاربي خمر الدنيا، لأن عقولهم ثابتة فيتكلمون بالحكم والكلام الحسن.
﴿ لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ ﴾ [الطور : ٢٣] مكي وبصري.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٨٠
﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ ﴾ [الطور : ٢٤] مملوكون لهم مخصوصون بهم ﴿ كَأَنَّهُمْ ﴾ من بياضهم وصفائهم ﴿ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ ﴾ [الطور : ٢٤] في الصدف لأنه رطباً أحسن وأصفى أو مخزون لأنه لا يخزن إلا الثمين الغالي القيمة، في الحديث :" إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجيبه ألف ببابه لبيك لبيك ".
﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ [الصافات : ٢٧] يسأل بعضهم بعضاً عن أحواله وأعماله وما استحق به نيل ما عند الله
٢٨٠
﴿ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ ﴾ [الطور : ٢٦] أي في الدنيا ﴿ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴾ [الطور : ٢٦] أرقاء القلوب من خشية الله أو خائفين من نزع الإيمان وفوت الأمان، أو من رد الحسنات والأخذ بالسيئات ﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ﴾ [الطور : ٢٧] بالمغفرة والرحمة ﴿ وَوَقَـاـانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور : ٢٧] هي الريح الحارة التي تدخل المسام فسميت بها نار جهنم لأنها بهذه الصفة ﴿ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ ﴾ [الطور : ٢٨] من قبل لقاء الله تعالى والمصير إليه يعنون في الدنيا ﴿ نَدْعُوهُ ﴾ نعبده ولا نعبد غيره ونسأله الوقاية ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ ﴾ [الطور : ٢٨] المحسن الرّحيم } العظيم الرحمة الذي إذا عبد أثاب وإذا سئل أجاب.
﴿ إِنَّهُ ﴾ بالفتح : مدني وعلي أي بأنه أو لأنه ﴿ فَذَكِّرْ ﴾ فاثبت على تذكير الناس وموعظتهم ﴿ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ ﴾ برحمة ربك وإنعامه عليه بالنبوة ورجاحة العقل ﴿ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ ﴾ [الطور : ٢٩] كما زعموا وهو في موضع الحال والتقدير لست كاهناً ولا مجنوناً ملتبساً بنعمة ربك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٨٠
﴿ أَمْ يَقُولُونَ ﴾ [السجدة : ٣] هو ﴿ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴾ [الطور : ٣٠] حوادث الدهر أي ننتظر نوائب الزمان فيهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة.
و " أم " في أوائل هذه الآي منقطعة بمعنى بل والهمزة ﴿ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ﴾ [الطور : ٣١] أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكي ﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَـامُهُم ﴾ [الطور : ٣٢] عقولهم ﴿ بِهَـاذَآ ﴾ التناقض في القول وهو قولهم كاهن وشاعر مع قولهم مجنون وكانت قريش يدعون أهل الأحلام والنهى ﴿ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [الطور : ٣٢] مجاوزون الحد في العناد مع ظهور الحق لهم، وإسناد الأمر إلى الأحلام مجاز
٢٨١