نزوله أو وإنذاراتي في تعذيبهم لمن بعدهم ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا ﴾ [القمر : ١٩] باردة أو شديدة الصوت ﴿ فِى يَوْمِ نَحْسٍ ﴾ [القمر : ١٩] شؤم ﴿ مُّسْتَمِرٌّ ﴾ دائم الشر فقد استمر عليهم حتى أهلكهم وكان في أربعاء في آخر الشهر ﴿ تَنزِعُ النَّاسَ ﴾ [القمر : ٢٠] تقلعهم عن أماكنهم وكانوا يصطفون آخذاً بعضهم بأيدي بعض ويتداخلون في الشعاب ويحفرون الحفر فيندسون فيها فتنزعهم وتكبهم وتدق رقابهم ﴿ كَأَنَّهُمْ ﴾ حال ﴿ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾ [القمر : ٢٠] أصول نخل منقلع عن مغارسه، وشبهوا بأعجاز النخل لأن الريح كانت تقطع رؤوسهم فتبقى أجساداً بلا رءوس فيتساقطون على الأرض أمواتاً وهم جثث طوال كأنهم أعجاز نخل، وهي أصولها بلا فروع، وذكر صفة نخل على اللفظ ولو حملها على المعنى لأنث كما قال ﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ [الحاقة : ٧] (الحاقة : ٧) ﴿ مُّدَّكِرٍ ﴾.
﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ﴾ [القمر : ٢٣].
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٩٨
﴿ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا ﴾ [القمر : ٢٤] انتصب ﴿ بَشَرًا ﴾ بفعل يفسره ﴿ نَّتَّبِعُهُ ﴾ تقديره أنتبع بشراً منا واحداً ﴿ إِنَّآ إِذًا لَّفِى ضَلَـالٍ وَسُعُرٍ ﴾ [القمر : ٢٤] كأن يقول إن لم تتبعوني كنتم في ضلال عن الحق.
وسعر ونيران جمع سعير فعكسوا عليه فقالوا : إن اتبعناك كنا إذا كما تقول.
وقيل : الضلال الخطأ والبعد عن الصواب، والسعر الجنون، وقولهم ﴿ أَبَشَرًا ﴾ إنكار لأن يتبعوا مثلهم في الجنسية وطلبوا أن يكون من الملائكة وقالوا منا، لأنه إذا كان منهم كانت المماثلة أقوى، وقالوا ﴿ وَاحِدًا ﴾ إنكاراً لأن تتبع الأمة رجلاً واحداً، أو أرادوا واحداً من أفنائهم ليس من أشرفهم وأفضلهم، ويدل عليه قوله
٣٠٠
﴿ أَءُلْقِىَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا ﴾ أي أأنزل عليه الوحي من بيننا وفينا من هو أحق منه بالاختيار للنبوة ﴿ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ﴾ [القمر : ٢٥] بطر متكبر حمله بطره وطلبه التعظم علينا على ادعاء ذلك ﴿ سَيَعْلَمُونَ غَدًا ﴾ [القمر : ٢٦] عند نزول العذاب بهم أو يوم القيامة ﴿ مَّنِ الْكَذَّابُ الاشِرُ ﴾ [القمر : ٢٦] أصالح أم من كذبه.
: شامي وحمزة على حكاية ما قال لهم صالح مجيباً لهم أو هو كلام الله على سبيل الالتفات ﴿ الاشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ ﴾ [القمر : ٢٧] باعثوها ومخرجوها من الهضبة كما سألوا ﴿ فِتْنَةً لَّهُمْ ﴾ [القمر : ٢٧] امتحاناً لهم وابتلاء وهو مفعول له أو حال ﴿ فَارْتَقِبْهُمْ ﴾ فانتظرهم وتبصر ما هم صانعون ﴿ وَاصْطَبِرْ ﴾ على أذاهم ولا تعجل حتى يأتيك أمري ﴿ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَآءَ قِسْمَةُ بَيْنَهُمْ ﴾ [القمر : ٢٨] مقسوم بينهم لها شرب يوم ولهم شرب يوم وقال ﴿ بَيْنَهُمْ ﴾ تغليباً للعقلاء ﴿ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ﴾ [القمر : ٢٨] محضور يحضر القوم الشرب يوماً وتحضر الناقة يوماً ﴿ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ ﴾ [
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٩٨
القمر : ٢٩] قدار بن سالف أحيمر ثمود ﴿ فَتَعَاطَى ﴾ فاجترأ على تعاطي الأمر العظيم غير مكترث له ﴿ فَعَقَرَ ﴾ الناقة أو فتعاطى الناقة فعقرها أو فتعاطى السيف.
وإنما قال ﴿ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ ﴾ [الأعراف : ٧٧] (الأعراف : ٧٧) في آية أخرى لرضاهم به أو لأنه عقر بمعونتهم ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ * إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ في اليوم الرابع من عقرها ﴿ صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾ [يس : ٤٩] صاح بهم جبريل عليه السلام ﴿ فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾ [القمر : ٣١] والهشيم الشجر اليابس المتهشم المتكسر، والمحتظر الذي يعمل الحظيرة وما يحتظر به ييبس بطول الزمان وتتوطؤه البهائم فيتحطم ويتهشم، وقرأ الحسن بفتح الظاء وهو موضع الاحتظار أي الحظيرة
٣٠١
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [القمر : ١٧].
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوط بِالنُّذُرِ ﴾ [القمر : ٣٣].