﴿ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴾ [الحجر : ٢٦] (الحجر : ٦٢) ﴿ مِّن طِينٍ لازِب ﴾ [الصافات : ١١] (الصافات : ١١) ﴿ مِّن تُرَابٍ ﴾ [الروم : ٢٠] (غافر : ٧٦) لاتفاقها معنى لأنه يفيد أنه خلقه من تراب ثم جعله طيناً ثم حمأ مسنوناً ثم صلصالاً ﴿ وَخَلَقَ الْجَآنَّ ﴾ [الرحمن : ١٥] أبا الجن قيل : هو إبليس ﴿ مِن مَّارِجٍ ﴾ [الرحمن : ١٥] هو اللهب الصافي الذي لا دخان فيه.
وقيل : المختلط بسواد النار من مرج الشيء إذا اضطرب واختلط ﴿ مِّن نَّارٍ ﴾ [الرحمن : ١٥] هو بيان لما رج كأنه قيل : من صاف من نار أو مختلط من نار، أو أراد من نار مخصوصة كقوله ﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ﴾ [الليل : ١٤] (الليل : ٤١) ﴿ الْمَغْرِبَيْنِ ﴾ أراد مشرقي الشمس في الصيف والشتاء ومغربيهما.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٨
﴿ يَلْتَقِيَانِ ﴾ أي أرسل البحر الملح والبحر العذب متجاورين متلاقيين لا فصل بين الماءين في مرأى العين ﴿ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ ﴾ [الرحمن : ٢٠] حاجز من قدرة الله تعالى ﴿ لا يَبْغِيَانِ ﴾ [الرحمن : ٢٠] لا يتجاوزان حديهما ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة ﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ ﴾ ﴿ يَخْرُجُ ﴾ مدني وبصري ﴿ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ ﴾ [الرحمن : ٢٢] بلا همز : أبو بكر ويزيد وهو كبار الدر ﴿ وَالْمَرْجَانُ ﴾ صغاره.
وإنما قال ﴿ مِنْهُمَا ﴾ وهما يخرجان من الملح لأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه وتقول : خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محاله.
وقيل : لا يخرجان إلا من ملتقى الملح
٣٠٩
والعذب ﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
﴿ وَلَهُ ﴾ ولله ﴿ الْجَوَارِ ﴾ السفن جمع جارية.
قال الزجاج : الوقف عليها بالياء والاختيار وصلها، وإن وقف عليها واقف بغير ياء فذا جائز على بعد ولكن يروم الكسر في الراء ليدل على حذف الياء المرفوعات الشرع بكسر الشين، حمزة ويحيى الرافعات الشرع أو اللاتي ينشئن الأمواج بجريهن ﴿ الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ كَالاعْلَامِ ﴾ [الشورى : ٣٢] جمع علم وهو الجبل الطويل ﴿ عَلَيْهَا ﴾ على الأرض ﴿ فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾ ذاته ﴿ ذُو الْجَلَالِ ﴾ [الرحمن : ٢٧] ذو العظمة والسلطان وهو صفة الوجه ﴿ وَالاكْرَامِ ﴾ بالتجاوز والإحسان، وهذه الصفة من عظيم صفات الله وفي الحديث " ألظوا بياذا الجلال والإكرام " وروي أنه عليه السلام مر برجل وهو يصلي ويقول يا ذا الجلال والإكرام فقال : قد استجيب لك.
﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن : ١٣] والنعمة في الفناء باعتبار أن المؤمنين به يصلون إلى النعيم السرمد.
وقال يحيى بن معاذ : حبذا الموت فهو الذي يقرب الحبيب إلى الحبيب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٨
﴿ يَسْاَلُهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [الرحمن : ٢٩] وقف عليها نافع كل من أهل السماوات والأرض مفتقرون إليه فيسأله أهل السماوات ما يتعلق بدينهم وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم، وينتصب ﴿ كُلَّ يَوْمٍ ﴾ [الرحمن : ٢٩] ظرفاً بما دل عليه ﴿ هُوَ فِى شَأْنٍ ﴾ [الرحمن : ٢٩] أي كل وقت وحين يحدث أموراً ويجدد أحوالاً كما روي أنه عليه السلام تلاها فقيل له : وما ذلك الشأن؟ فقال : من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين.
وعن ابن عيينة : الدهر عند الله يومان : أحدهما اليوم الذي هو
٣١٠
مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع، والآخر يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب.
وقيل : نزلت في اليهود حين قالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شأناً.
وسأل بعض الملوك وزيره عن الآية فاستمهله إلى الغد وذهب كئيباً يفكر فيها فقال غلام له أسود : يا مولاي أخبرني ما أصابك لعل الله يسهل لك على يدي فأخبره فقال : أنا أفسرها للملك فأعلمه فقال : أيها الملك شأن الله أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، ويشفي سقيماً ويسقم سليماً، ويبتلي معافى ويعافي مبتلي، ويعز ذليلاً ويذل عزيزاً، ويفقر غنياً ويغني فقيراً.
فقال الأمير : أحسنت وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة فقال : يا مولاي هذا من شأن الله.
وقيل : سوق المقادير إلى المواقيت.


الصفحة التالية
Icon