﴿ هُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ [الحديد : ٤] عن الحسن : من أيام الدنيا ولو أراد أن يجعلها في طرفة عين لفعل ولكن جعل الستة أصلاً ليكون عليها المدار ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى ﴾ [الفرقان : ٥٩] استولى ﴿ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى الارْضِ ﴾ [الحديد : ٤] ما يدخل في الأرض من البذر والقطر والكنوز والموتى ﴿ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ﴾ [سبأ : ٢] من النبات وغيره ﴿ وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ ﴾ [سبأ : ٢] من الملائكة والأمطار ﴿ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ﴾ [سبأ : ٢] من الأعمال والدعوات ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ﴾ [الحديد : ٤] بالعلم والقدرة عموماً وبالفضل والرحمة خصوصاً ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة : ٢٦٥] فيجازيكم على حسب أعمالكم ﴿ لَّهُ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الامُورُ * يُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ ﴾ يدخل الليل في النهار بأن ينقض من الليل ويزيد في النهار ﴿ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٢٨
﴿ ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا ﴾ [الحديد : ٧] يحتمل الزكاة والإنفاق في سبيل الله
٣٢٩
﴿ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾ [الحديد : ٧] يعني أن الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله بخلقه وإنشائه لها وإنما مولكم إياها للاستمتاع بها وجعلكم خلفاء في التصرف فيها فليست هي بأموالكم في الحقيقة، وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنواب، فأنفقوا منها في حقوق الله تعالى، وليهن عليكم الإنفاق منها كما يهون على الرجل الإنفاق من مال غيره إذا أذن له فيه، أو جعلكم مستخلفين ممن كان قبلكم فيما في أيديكم بتوريثه إياكم وسينقله منكم إلى من بعدكم فاعتبروا بحالهم ولا تبخلوا به ﴿ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [الأعراف : ١٥٧] بالله ورسله ﴿ مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ * وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ هو حال من معنى الفعل في ﴿ مَالَكُمْ ﴾ كما تقول : مالك قائماً؟ بمعنى ما تصنع قائماً أي ومالكم كافرين بالله.
والواو في ﴿ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ ﴾ [آل عمران : ١٥٣] واو الحال فهما حالان متداخلتان، والمعنى وأي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول يدعوكم ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَـاقَكُمْ ﴾ [الحديد : ٨] وقبل ذلك قد أخذ الله ميثاقكم بقوله :﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ [الأعراف : ١٧٢] (الأعراف : ٢٧١) أو بما ركب فيكم من العقول ومكنكم من النظر في الأدلة، فإذا لم تبق لكم علة بعد أدلة العقول وتنبيه الرسول فما لكم لا تؤمنون؟ ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة : ٩١] لموجب ما فإن هذا الموجب لا مزيد عليه ﴿ أَخَذَ مِيثَـاقَكُمْ ﴾ [الحديد : ٨] أبو عمرو.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٢٨
﴿ هُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ ﴾ [الحديد : ٩] محمد صلى الله عليه وسلّم ﴿ ءَايَـاتٍ بَيِّنَـاتٍ ﴾ [الإسراء : ١٠١] يعني القرآن ﴿ لِّيُخْرِجَكُم ﴾ الله تعالى أو محمد بدعوته ﴿ مِّنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [إبراهيم : ١] من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ ﴾ [الحديد : ٩] بالمد والهمزة : حجازي وشامي وحفص ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ الرأفة أشد الرحمة ﴿ وَمَا لَكُمْ أَلا تُنفِقُوا ﴾ [الحديد : ١٠] في أن لا تنفقوا ﴿ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [الحديد : ١٠] يرث كل شيء فيهما لا يبقى منه باقٍ لأحد من مال وغيره يعني وأي غرض
٣٣٠