﴿ إِنَّكُمْ لَذَآ ـاِقُوا الْعَذَابِ الالِيمِ * وَمَا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ بلا زيادة ﴿ إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الصافات : ٤٠] بفتح اللام : كوفي ومدني، وكذا ما بعده أي لكن عباد الله على الاستثناء المنقطع ﴿ أؤلئك لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ ﴾ فسر الرزق المعلوم بالفواكه وهي كل ما يتلذذ به ولا يتقوت لحفظ الصحة يعني أن رزقهم كله فواكه لأنهم مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات لأن أجسادهم محكمة مخلوقة للأبد فما يأكلونه للتلذذ، ويجوز أن يراد رزق معلوم منعوت بخصائص خلق عليها من طيب طعم ورائحة ولذة وحسن منظر.
وقيل : معلوم الوقت كقوله :﴿ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم : ٦٢] (مريم : ٢٦) والنفس إليه أسكن ﴿ وَهُم مُّكْرَمُونَ ﴾ [الصافات : ٤٢] منعمون ﴿ فِي جَنَّـاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس : ٩] يجوز أن يكون ظرفاً وأن يكون حالاً وأن يكون خبراً بعد خبر، وكذا ﴿ عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَـابِلِينَ ﴾ [الحجر : ٤٧] التقابل أتم للسرور وآنس ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ ﴾ [الصافات : ٤٥] بغير همز : أبو عمرو وحمزة في الوقف، وغيرهما بالهمزة.
يقال للزجاجة فيها الخمر كأس وتسمى الخمر نفسها كأساً.
وعن
٣٢
الأخفش : كل كأس في القرآن فهي الخمر، وكذا في تفسير ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ مِّن مَّعِين ﴾ [الصافات : ٤٥] من شراب معين أو من نهر معين وهو الجاري على وجه الأرض الظاهر للعيون، وصف بما وصف به الماء لأنه يجري في الجنة في أنهار كما يجري الماء قال الله تعالى :﴿ وَأَنْهَـارٌ مِّنْ خَمْرٍ ﴾ [محمد : ١٥] (محمد : ٥١) ﴿ بَيْضَآءَ ﴾ صفة للكأس ﴿ لَذَّةٍ ﴾ وصفت باللذة كأنها نفس اللذة وعينها أو ذات لذة ﴿ لِّلشَّـارِبِينَ ﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣١
﴿ لا فِيهَا غَوْلٌ ﴾ [الصافات : ٤٧] أي لا تغتال عقولهم كخمور الدنيا وهو من غاله يغوله غولاً إذا أهلكه وأفسده ﴿ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ ﴾ [الصافات : ٤٧] يسكرون من نزف الشارب إذا ذهب عقله ويقال للسكران نزيف ومنزوف، ﴿ يُنزَفُونَ ﴾ علي وحمزة أي لا يسكرون أو لا ينزف شرابهم من أنزف الشارب إذا ذهب عقله أو شرابه ﴿ وَعِندَهُمْ قَـاصِرَاتُ الطَّرْفِ ﴾ [ص : ٥٢] قصرن أبصارهن على أزواجهن لا يمددن طرفاً إلى غيرهم ﴿ عِينٌ ﴾ جمع عيناء أي نجلاء واسعة العين ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ [الصافات : ٤٩] مصون شبههن ببيض النعام المكنون في الصفاء وبها تشبه العرب النساء وتسميهن بيضات الخدور.
وعطف ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ ﴾ [الصافات : ٥٠] يعني أهل الجنة.
﴿ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ [الصافات : ٢٧] عطف على ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِم ﴾ [الزخرف : ٧١] والمعنى يشربون ويتحادثون على الشراب كعادة الشّرب قال :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣
وما بقيت من اللذات إلا
أحاديث الكرام على المدام
فيقبل بعضهم على بعض يتساءلون عما جرى لهم وعليهم في الدنيا إلا أنه جيء به ماضياً على ما عرف في أخباره.
﴿ قَالَ قَآ ـاِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّى كَانَ لِى قَرِينٌ * يَقُولُ أَءِنَّكَ ﴾ بهمزتين : شامي وكوفي ﴿ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ﴾ [الصافات : ٥٢] بيوم الدين
٣٣


الصفحة التالية
Icon