﴿ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَـامًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ [الصافات : ١٦] لمجزيون من الدين وهو الجزاء ﴿ قَالَ ﴾ ذلك القائل ﴿ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ ﴾ [الصافات : ٥٤] إلى النار لأريكم ذلك القرين قيل : إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى أهل النار.
أو قال الله تعالى لأهل الجنة : هل أنتم مطلعون إلى النار فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار ﴿ فَاطَّلَعَ ﴾ المسلم ﴿ فَرَءَاهُ ﴾ أي قرينة ﴿ فِى سَوَآءِ الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات : ٥٥] في وسطها ﴿ قَالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ ﴾ [الصافات : ٥٦] " إن " مخففة من الثقيلة وهي تدخل على " كاد " كما تدخل على " كان "، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية والإرداء الإهلاك.
وبالياء في الحالين : يعقوب ﴿ وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّى ﴾ [الصافات : ٥٧] وهي العصمة والتوفيق في الاستمساك بعروة الإسلام ﴿ لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ [الصافات : ٥٧] من الذين أحضروا العذاب كما أحضرته أنت وأمثالك ﴿ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلا مَوْتَتَنَا الاولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ الفاء للعطف على محذوف تقديره أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين، والمعنى أن هذه حال المؤمنين وهو أن لا يذوقوا إلا الموتة الأولى بخلاف الكفار فإنهم فيما يتمنون فيه الموت كل ساعة.
وقيل لحكيم : ما شر من الموت؟ قال : الذي يتمنى فيه الموت.
وهذا قول يقوله المؤمن تحدثاً بنعمة الله يسمع من قرينه ليكون توبيخاً له وزيادة تعذيب.
و ﴿ مَوْتَتَنَا ﴾ نصب على المصدر والاستثناء متصل تقديره ولا نموت إلا مرة، أو منقطع وتقديره لكن الموتة الأولى قد كانت في الدنيا.
ثم قال لقرينه تقريعاً له
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣
﴿ إِنْ هَـاذَآ ﴾ [ص : ٢٣] أي الأمر الذي نحن فيه ﴿ لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [الصافات : ٦٠].
ثم قال الله عز وجل ﴿ لِمِثْلِ هَـاذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَـامِلُونَ ﴾ [الصافات : ٦١] وقيل : هو أيضاً من كلامه.
٣٤
﴿ أَذَالِكَ خَيْرٌ نُّزُلا ﴾ [الصافات : ٦٢] تمييز ﴿ أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ﴾ [الصافات : ٦٢] أي نعيم الجنة وما فيها من اللذات والطعام والشراب خير نزلاً أم شجرة الزقوم خير نزلاً؟ والنزل ما يقام للنازل بالمكان من الرزق، والزقوم : شجرة مر يكون بتهامة ﴿ إِنَّا جَعَلْنَـاهَا فِتْنَةً لِّلظَّـالِمِينَ ﴾ [الصافات : ٦٣] محنة وعذاباً لهم في الآخرة أو ابتلاء لهم في الدنيا، وذلك أنهم قالوا : كيف يكون في النار شجرة والنار تحرق الشجر فكذبوا ﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات : ٦٤] قيل منتبهاً في قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها ﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَـاطِينِ ﴾ [الصافات : ٦٥] الطلع للنخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها، وشبه برءوس الشياطين للدلالة على تناهيه في الكراهة وقبح المنظر، لأن الشيطان مكروه مستقبح في طباع الناس لاعتقادهم أنه شر محض.
وقيل : الشيطان حية عرفاء قبيحة المنظر هائلة جداً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣
﴿ فَإِنَّهُمْ لاكِلُونَ مِنْهَا ﴾ [الصافات : ٦٦] من الشجرة أي من طلعها ﴿ فَمَالِـاُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ [الصافات : ٦٦] فمالئون بطونهم لما يغلبهم من الجوع الشديد ﴿ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا ﴾ [الصافات : ٦٧] على أكلها ﴿ لَشَوْبًا ﴾ لخلطاً ولمزاجاً ﴿ مِّنْ حَمِيمٍ ﴾ [الصافات : ٦٧] ماء حار يشوي وجوههم ويقطع أمعاءهم كما قال في صفة شراب أهل الجنة ﴿ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ ﴾ [المطففين : ٢٧] (المطففين : ٧٢) والمعنى ثم إنهم يملئون البطون من شجرة الزقوم وهو حار يحرق بطونهم ويعطشهم فلا يسقون إلا بعد ملىء تعذيباً لهم بذلك العطش ثم يسقون ما هو أحر وهو الشراب المشوب بالحميم.
﴿ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لالَى الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات : ٦٨] أي أنهم يذهب بهم عن مقارهم ومنازلهم في الجحيم وهي الدركات التي أسكنوها إلى شجرة الزقوم فيأكلون إلى أن
٣٥