﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [البقرة : ٢٧٨] بألسنتهم وهو خطاب للمنافقين والظاهر أنه خطاب للمؤمنين ﴿ إِذَا تَنَـاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَـاجَوْا بِالاثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ﴾ أي إذا تناجيتم فلا تشبهوا باليهود والمنافقين في تناجيهم بالشر ﴿ وَتَنَـاجَوْا بِالْبِرِّ ﴾ [المجادلة : ٩] بأداء الفرائض والطاعات ﴿ وَالتَّقْوَى ﴾ وترك المعاصي ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [المائدة : ٩٦] للحساب فيجازيكم بما تتناجون به من خير أو شر ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى ﴾ [المجادلة : ١٠] بالإثم والعدوان ﴿ مِنَ الشَّيْطَـانِ ﴾ [الأعراف : ٢٠١] من تزيينه ﴿ لِيَحْزُنَ ﴾ أي الشيطان وبضم الياء : نافع ﴿ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَيْسَ ﴾ [المجادلة : ١٠] الشيطان أو الحزن ﴿ بِضَآرِّهِمْ شيئا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [المجادلة : ١٠] بعلمه وقضائه وقدره ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران : ١٢٢] أي يكلون أمرهم إلى الله ويستعيذون به من الشيطان.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٣
﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى الْمَجَـالِسِ ﴾ [المجادلة : ١١] (في المجلس) توسعوا فيه، ﴿ فِى الْمَجَـالِسِ ﴾ [المجادلة : ١١]عاصم ونافع والمراد مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكانوا يتضامون فيه تنافساً على
٣٤٤
القرب منه وحرصاً على استماع كلامه.
وقيل : هو المجلس من مجالس القتال وهي مراكز الغزاة كقوله ﴿ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ﴾ [آل عمران : ١٢١] (آل عمران : ١٢١).
مقاتل في صلاة الجمعة ﴿ فَافْسَحُوا ﴾ فوسعوا ﴿ يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المجادلة : ١١] مطلق في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر غير ذلك ﴿ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا ﴾ [المجادلة : ١١] انهضوا للتوسعة على المقبلين، أو انهضوا عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا أمرتم بالنهوض عنه، أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير ﴿ فَانشُزُوا ﴾ بالضم فيهما : مدني وشامي وعاصم غير حماد ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ ﴾ [المجادلة : ١١] بامتثال أوامره وأوامر رسوله ﴿ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [المجادلة : ١١] والعالمين منهم خاصة ﴿ دَرَجَـاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة : ١١] وفي الدرجات قولان : أحدهما في الدنيا في المرتبة والشرف، والآخر في الآخرة.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا قرأها قال : يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم، وعن النبي صلى الله عليه وسلّم :" فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ".
وعنه صلى الله عليه وسلّم :" عبادة العالم يوماً واحداً تعدل عبادة العابد أربعين سنة ".
وعنه صلى الله عليه وسلّم " يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ".
فأعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعن ابن عباس رضي الله عنهما : خير سليمان عليه السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه.
وقال صلى الله عليه وسلّم :" أوحى الله إلى إبراهيم عليه السلام يا إبراهيم إني عليم أحب كل عليم " وعن بعض الحكماء : ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم، وأي شيء فات من أدرك العلم.
وعن الزبيري : العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكورة الرجال، والعلوم أنواع فأشرها أشرفها معلوماً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٣
﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَـاجَيْتُمُ الرَّسُولَ ﴾ [المجادلة : ١٢] إذا أردتم مناجاته
٣٤٥


الصفحة التالية
Icon