﴿ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاـاكُمْ صَدَقَةً ﴾ [المجادلة : ١٢] أي قبل نجواكم وهي استعارة ممن له يدان كقول عمر رضي الله عنه : من أفضل ما أوتيت العرب الشعر يقدمه الرجل أمام حاجته فيستمطر به الكريم ويستنزل به اللئيم يريد قبل حاجته ﴿ ذَالِكَ ﴾ التقديم ﴿ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ [البقرة : ١٨٤] في دينكم ﴿ وَأَطْهَرُ ﴾ لأن الصدقة طهرة ﴿ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا ﴾ [المجادلة : ١٢] ما تتصدقون به ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [البقرة : ١٩٢] في ترخيص المناجاة من غير صدقة.
قيل : كان ذلك عشر ليال ثم نسخ.
وقيل : ما كان إلا ساعة من نهار ثم نسخ.
وقال علي رضي الله عنه : هذه آية من كتاب الله ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي، كان لي دينار فصرفته فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عشر مسائل فأجابني عنها.
قلت : يا رسول الله ما الوفاء؟ قال : التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.
قلت : وما الفساد؟ قال : الكفر والشرك بالله.
قلت : وما الحق؟ قال : الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك.
قلت : وما الحيلة؟ قال : ترك الحيلة.
قلت : وما عليّ؟ قال : طاعة الله وطاعة رسوله.
قلت : وكيف أدعو الله تعالى؟ قال : بالصدق واليقين.
قلت : وماذا أسأل الله؟ قال : العافية.
قلت : وما أصنع لنجاة نفسي؟ قال : كل حلالاً وقل صدقاً، قلت : وما السرور؟ قال : الجنة.
قلت : وما الراحة؟ قال : لقاء الله.
فلما فرغت منها نزل نسخها.
﴿ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاـاكُمْ صَدَقَـاتٍ فَإِذْ ﴾ [المجادلة : ١٣] أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الإنفاق الذي تكرهونه ﴿ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا ﴾ [المجادلة : ١٣] ما أمرتم به وشق عليكم ﴿ وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [المجادلة : ١٣] أي خفف عنكم وأزال عنكم المؤاخذة بترك تقديم الصدقة على المناجاة كما أزال المؤاخذة بالذنب عن التائب عنه ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَواةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَـامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ إِنَّ الصَّلَواةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَـابًا مَّوْقُوتًًا ﴾ أي فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات ﴿ وَاللَّهُ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [آل عمران : ١٥٣] وهذا وعد ووعيد.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٣
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم ﴾ [المجادلة : ١٤] كان المنافقون يتولون اليهود
٣٤٦


الصفحة التالية
Icon