الانفال : ٤٨] إلى قوله ﴿ إِنِّي بَرِى ءٌ مِّنكُمْ ﴾ [الانفال : ٤٨] (الأنفال : ٨٤) ﴿ فَكَانَ عَـاقِبَتَهُمَآ ﴾ [الحشر : ١٧] عاقبة الإنسان الكافر والشيطان ﴿ أَنَّهُمَا فِى النَّارِ خَـالِدَيْنِ فِيهَا ﴾ [الحشر : ١٧] ﴿ عَـاقِبَتَهُمَآ ﴾ خبر " كان " مقدم و " أن " مع اسمها وخبرها أي في النار في موضع الرفع على الاسم و ﴿ خَـالِدَيْنِ ﴾ حال ﴿ وَذَالِكَ جَزَاؤُا الظَّـالِمِينَ * يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ في أوامره فلا تخالفوها ﴿ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ ﴾ [الحشر : ١٨] نكر النفس تقليلاً للأنفس النواظر فيما قدّمن للآخرة ﴿ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ [الحشر : ١٨] يعني يوم القيامة سماه باليوم الذي يلي يومك تقريباً له أو عبر عن الآخرة بالغد كأن الدنيا والآخرة نهاران يوم وغد.
وتنكيره لتعظيم أمره أي لغد لا يعرف كنهه لعظمه.
وعن مالك بن دينار : مكتوب على باب الجنة وجدنا ما عملنا ربحنا ما قدما خسرنا ما خلفنا.
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [المائدة : ٨٨] كرر الأمر بالتقوى تأكيداً أو اتقوا الله في أداء الواجبات لأنه قرن بما هو عمل، واتقوا الله في ترك المعاصي لأنه قرن بما يجري مجرى الوعيد وهو ﴿ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة : ٨] وفيه تحريض على المراقبة لأن من علم وقت فعله أن الله مطلع على ما يرتكب من الذنوب يمتنع عنه
٣٥٧
﴿ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ ﴾ [الحشر : ١٩] تركوا ذكر الله عز وجل وما أمرهم به ﴿ فَأَنسَـاـاهُمْ أَنفُسَهُمْ ﴾ [الحشر : ١٩] فتركهم من ذكره بالرحمة والتوفيق ﴿ أؤلئك هُمُ الْفَـاسِقُونَ ﴾ [الحشر : ١٩] الخارجون عن طاعة الله.
﴿ لا يَسْتَوِى أَصْحَـابُ النَّارِ وَأَصْحَـابُ الْجَنَّةِ أَصْحَـابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَآ ـاِزُونَ ﴾ [الحشر : ٢٠] هذا تنبيه للناس وإيذان بأنهم لفرط غفلتهم وقلة فكرهم في العاقبة وتهالكهم على إيثار العاجلة واتباع الشهوات كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار، والبون العظيم بين أصحابهما وأن الفوز العظيم مع أصحاب الجنة والعذاب الأليم مع أصحاب النار، فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليه كما تقول لمن يعق أباه " هو أبوك " تجعله بمنزلة من لا يعرفه فتنبهه بذلك على حق الأبوّة الذي يقتضي البر والتعطف.
وقد استدلت الشافعية بهذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالكافر، وأن الكافر لا يملك مال المسلم بالاستيلاء، وقد أجبنا عن مثل هذا في أصول الفقه والكافي.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٥٥
﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَـاذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَـاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ أي من شأن القرآن وعظمته أنه لو جعل في الجبل تمييز وأنزل عليه القرآن لخشع أي لخضع وتطأطأ وتصدع أي تشقق من خشية الله، وجائز أن يكون هذا تمثيلاً كما في قوله ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الامَانَةَ ﴾ [الأحزاب : ٧٢] (الأحزاب : ٢٧) ويدل عليه قوله ﴿ وَتِلْكَ الامْثَـالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر : ٢١] وهي إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل، والمراد توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره.
ثم رد على من أشرك وشبهه بخلقه فقال ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَـاذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَـاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر : ٢٢] أي السر والعلانية أو الدنيا والآخرة أو المعدوم والموجود
٣٥٨


الصفحة التالية
Icon