الإسراء : ٤٤] (الإسراء : ٤٤) أو تسبيح ضرورة بأن يجري الله التسبيح على كل جوهر من غير معرفة له بذلك ﴿ هُوَ الَّذِى بَعَثَ ﴾ [الجمعة : ٢] أرسل ﴿ فِى الامِّيِّـانَ رَسُولا مِّنْهُمْ ﴾ أي بعث رجلاً أمياً في قوم أميين.
وقيل ﴿ مِنْهُمْ ﴾ كقوله ﴿ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ [الروم : ٢١] (التوبة : ٨٢١) يعلمون نسبه وأحواله.
والأمي منسوب إلى أمة العرب لأنهم كانوا لا يكتبون ولا يقرؤون من بين الأمم.
وقيل : بدئت الكتابة بالطائف وهم أخذوها من أهل الحيرة وأهل الحيرة من أهل
٣٧٣
الأنبار ﴿ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَـاتِهِ ﴾ [آل عمران : ١٦٤] القرآن ﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ ويطهرهم من الشرك وخبائث الجاهلية ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـابَ ﴾ [آل عمران : ١٦٤] القرآن ﴿ وَالْحِكْمَةَ ﴾ السنة أو الفقه في الدين ﴿ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ ﴾ [الروم : ٤٩] من قبل محمد صلى الله عليه وسلّم ﴿ لَفِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ ﴾ [آل عمران : ١٦٤] كفر وجهالة، و " إن " مخففة من الثقيلة واللام دليل عليها أي كانوا في ضلال لا ترى ضلالاً أعظم منه.
﴿ وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ ﴾ [الجمعة : ٣] مجرور معطوف على ﴿ الامِّيِّـانَ ﴾ يعني أنه بعثه في الأميين الذين على عهده وفي آخرين من الأميين ﴿ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ﴾ [الجمعة : ٣] أي لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون بهم وهم الذين بعد الصحابة رضي الله عنهم، أو هم الذين يأتون من بعدهم إلى يوم الدين.
وقيل : هم العجم.
أو منصوب معطوف على المنصوب في ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ ﴾ أي يعلمهم ويعلم آخرين لأن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كله مستنداً إلى أوله فكأنه هو الذي تولى كل ما وجد منه ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [إبراهيم : ٤] في تمكينه رجلاً أمياً من ذلك الأمر العظيم وتأييده عليه واختياره إياه من بين كافة البشر ﴿ ذَالِكَ ﴾ الفضل الذي أعطاه محمداً وهو أن يكون نبي أبناء عصره ونبي أبناء العصور الغوابر هو ﴿ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾ [المائدة : ٥٤] إعطاءه وتقتضيه حكمته ﴿ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [آل عمران : ٧٤، ٧٥] أي كلفوا علمها والعمل بما فيها ﴿ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا ﴾ [الجمعة : ٥] ثم لم يعملوا بها فكأنهم لم يحملوها ﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارَا ﴾ [الجمعة : ٥] جمع سفر وهو الكتاب الكبير و ﴿ يَحْمِلُ ﴾ في محل النصب على الحال أو الجر على الوصف لأن الحمار كاللئيم في قوله :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٧٣
ولقد أمر على اللئيم يسبني
شبه اليهود في أنهم حملة التوراة وقراؤها وحفاظ ما فيها ثم لم يعملوا بها ولم ينتفعوا بآياتها، وذلك أن فيها نعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم والبشارة به فلم يؤمنوا به بالحمار حمل كتباً كباراً من
٣٧٤
كتب العلم فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبيه وظهره من الكد والتعب، وكل من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله ﴿ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة : ٥] أي بئس مثلاً مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله، أو بئس مثل القوم المكذبين مثلهم وهم اليهود الذين كذبوا بآيات الله الدالة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلّم ﴿ وَاللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـالِمِينَ ﴾ [البقرة : ٢٥٨] أي وقت اختيارهم الظلم أو لا يهدي من سبق في علمه أنه يكون ظالماً.


الصفحة التالية
Icon