﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة : ٢٣٤] فراقبوا أموركم ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ ﴾ [التغابن : ٩] انتصب الظرف بقوله ﴿ لَتُنَبَّؤُنَّ ﴾ أو بإضمار " اذكر " ﴿ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ﴾ [التغابن : ٩] ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون ﴿ ذَالِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ﴾ [التغابن : ٩] وهو مستعار من تغابن القوم في التجارة وهو أن يغبن بعضهم بعضاً لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كانوا ينزلونها لو كانوا سعداء، ونزول الأشقياء منازل السعداء التي كانوا ينزلونها لو كانوا أشقياء، كما ورد في الحديث، ومعنى ذلك يوم التغابن.
وقد يتغابن الناس في غير ذلك اليوم استعظام له وأن تغابنه هو التغابن في الحقيقة لا التغابن في أمور الدنيا ﴿ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَـالِحًا ﴾ [التغابن : ٩] صفة للمصدر أي عملاً صالحاً ﴿ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّـاَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ ﴾ [التغابن : ٩] وبالنون فيهما : مدني وشامي ﴿ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ذَالِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التغابن : ٩].
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٢
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَا وَلِقَآى ِ الاخِرَةِ فَأُوالَـائكَ فِى الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾.
﴿ مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ ﴾ [التغابن : ١١] شدة ومرض وموت أهل أو شيء يقتضي همًّا ﴿ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [غافر : ٧٨] بعلمه وتقديره ومشيئته كأنه أذن للمصيبة أن تصيبه
٣٨٤
﴿ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن : ١١] للاسترجاع عند المصيبة حتى يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون.
أو يشرحه للازدياد من الطاعة والخير، أو يهد قلبه حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وعن مجاهد : إن ابتلي صبر وإن أعطى شكر وإن ظلم غفر ﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ ﴾ عن طاعة الله وطاعة رسوله ﴿ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَـاغُ الْمُبِينُ ﴾ [التغابن : ١٢] أي فعليه التبليغ وقد فعل ﴿ اللَّهُ لا إِلَـاهَ إِلا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التغابن : ١٣] بعث لرسول الله صلى الله عليه وسلّم على التوكيل عليه حتى ينصره على من كذبه وتولى عنه ﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَـادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ ﴾ [التغابن : ١٤] أي إن من الأزواج أزواجاً يعادين بعولتهن ويخاصمنهم، ومن الأولاد أولاداً يعادون آباءهم ويعقّونهم ﴿ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ الضمير للعدو أو للأزواج والأولاد جميعاً أي لما علمتم أن هؤلاء لا يخلون من عدوّ فكونوا منهم على حذر ولا تأمنوا غوائلهم وشرهم ﴿ وَإِن تَعْفُوا ﴾ [البقرة : ٢٣٧] عنهم إذا اطلعتم منهم على عداوة ولم تقابلوهم بمثلها ﴿ وَتَصْفَحُوا ﴾ تعرضوا عن التوبيخ ﴿ وَتَغْفِرُوا ﴾ تستروا ذنوبهم ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [البقرة : ١٩٢] يغفر لكم ذنوبكم ويكفر عنكم سيئاتكم.
قيل : إن ناساً أرادوا الهجرة عن مكة فثبطهم أزواجهم وأولادهم وقالوا : تنطلقون وتضيعوننا.
فرقوا لهم ووقفوا، فلما هاجروا بعد ذلك ورأوا الذين سبقوهم قد فقهوا في الدين أرادوا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم فزين لهم العفو.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٢
﴿ إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَـادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن : ١٥] بلاء ومحنة لأنهم يوقعون في الإثم والعقوبة ولا بلاء أعظم منهما ﴿ وَاللَّهُ عِندَهُا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التغابن : ١٥] أي في الآخرة وذلك أعظم
٣٨٥


الصفحة التالية
Icon