من منفعتكم بأموالكم وأولادكم.
ولم يدخل فيه " من " كما في العداوة لأن الكل لا يخلو عن الفتنة وشغل القلب وقد يخلو بعضهم عن العداوة ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن : ١٦] جهدكم ووسعكم، قيل : هو تفسير لقوله ﴿ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾ [آل عمران : ١٠٢] (آل عمران : ٢٠١) ﴿ وَاسْمَعُوا ﴾ ما توعظون به ﴿ وَأَطِيعُوا ﴾ فيما تؤمرون به وتنهون عنه ﴿ وَأَنفِقُوا ﴾ في الوجوه التي وجبت عليكم النفقة فيها ﴿ خَيْرًا لانفُسِكُمْ ﴾ [التغابن : ١٦] أي انفاقاً خيراً لأنفسكم.
وقال الكسائي : يكن الإنفاق خيراً لأنفسكم والأصح أن تقديره ائتوا خيراً لأنفسكم وافعلوا ما هو خير لها، وهو تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر وبيان، لأن هذه الأمور خير لأنفسكم من الأموال والأولاد وما أنتم عاكفون عليه من حب الشهوات وزخارف الدنيا ﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ﴾ [الحشر : ٩] أي البخل بالزكاة والصدقة الواجبة ﴿ فَأُوالَـائكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ بنية وإخلاص، وذكر القرض تلطف في الاستدعاء ﴿ يُضَـاعِفْهُ لَكُمْ ﴾ [التغابن : ١٧] يكتب لكم بالواحدة عشراً أو سبعمائة إلى ما شاء من الزيادة ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ ﴾ [التغابن : ١٧] يقبل القليل ويعطي الجزيل ﴿ حَلِيمٌ ﴾ يقيل الجليل من ذنب البخيل أو يضعف الصدقة لدافعها ولا يعجل العقوبة لمانعها ﴿ عَـالِمُ الْغَيْبِ ﴾ [الجن : ٢٦] أي يعلم ما استتر من سرائر القلوب ﴿ وَالشَّهَـادَةِ ﴾ أي ما انتشر من ظواهر الخطوب ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ المعز بإظهار العيوب ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ في الإخبار عن الغيوب.
٣٨٦
سورة الطلاق
مدنية وهي اثنتا عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ يَـاأيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ ﴾ [الطلاق : ١] خص النبي صلى الله عليه وسلّم بالنداء وعم بالخطاب لأن النبي إمام أمته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم يا فلان افعلوا كذا إظهاراً لتقدمه واعتباراً لترؤسه وأنه قدوة قومه، فكان هو وحده في حكم كلهم وسادّاً مسد جميعهم.
وقيل : التقدير يا أيها النبي والمؤمنون.
ومعنى ﴿ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ ﴾ [الطلاق : ١] إذا أردتم تطليقهن وهممتم به على تنزيل المقبل على الأمر المشارف له منزلة الشارع فيه كقوله عليه السلام " من قتل قتيلاً فله سلبه " (١) ومنه : كان الماشي إلى الصلاة والمنتظر لها في حكم المصلي.
﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق : ١] فطلقوهن مستقبلات لعدتهن، وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ وإذا طلقت المرأة في الطهر المتقدم للقرء الأول من أقرائها فقد طلقت مستقبلة لعدتها، والمراد أن تطلق المدخول بهن من المعتدات بالحيض في طهر لم يجامعهن فيه، ثم يخلين حتى تنقضي عدتهن وهذا أحسن الطلاق ﴿ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ﴾ [الطلاق : ١] واضبطوها بالحفظ وأكملوها ثلاثة أقراء مستقبلات
٣٨٧
كوامل لا نقصان فيهن، وخوطب الأزواج لغفلة النساء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٧


الصفحة التالية
Icon