﴿ وَإِن كُنَّ ﴾ [الطلاق : ٦] أي المطلقات ﴿ أُوْلَـاتِ حَمْلٍ ﴾ [الطلاق : ٦] ذوات أحمال ﴿ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق : ٦] وفائدة اشتراط الحمل أن مدة الحمل ربما تطول فيظن ظان النفقة تسقط إذا مضى مقدار عدة الحامل فنفي ذلك الوهم ﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ ﴾ [الطلاق : ٦] يعني هؤلاء المطلقات إن أرضعن لكم ولداً من ظئرهن أو منهن بعد انقطاع عصمة الزوجية ﴿ وَالْمُحْصَنَـاتُ مِنَ ﴾ [النساء : ٢٤] فحكمهن في ذلك حكم الأظآر، ولا يجوز الاستئجار إذا كان الولد منهن ما لم يبن خلافاً للشافعي رحمه الله ﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم ﴾ [الطلاق : ٦] أي تشاوروا على التراضي في الأجرة، أو ليأمر بعضكم بعضاً، والخطاب للآباء والأمهات ﴿ بِمَعْرُوفٍ ﴾ بما يليق بالسنة ويحسن في المروءة فلا يماكس الأب ولا تعاسر الأم لأنه ولدهما وهما شريكان فيه وفي وجوب الإشفاق عليه ﴿ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ ﴾ [الطلاق : ٦] تضايقتم فلم ترض الأم بما ترضع به الأجنبية ولم يزد الأب على ذلك ﴿ فَسَتُرْضِعُ لَهُا أُخْرَى ﴾ [الطلاق : ٦] فستوجد ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه، وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة.
وقوله ﴿ لَهُ ﴾ أي للأب أي سيجد الأب غير معاسرة ترضع له ولده إن عاسرته أمه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٧
﴿ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ ءَاتَـاـاهُ اللَّهُ ﴾ [الطلاق : ٧] أي لينفق كل واحد من الموسر والمعسر ما بلغه وسعه يريد ما أمر به من الإنفاق على المطلقات والمرضعات، ومعنى ﴿ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ﴾ [الطلاق : ٧] ضيق أي رزقه الله على قدر قوته ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَآ ءَاتَـاـاهَا ﴾ أعطاها من الرزق ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق : ٧] بعد ضيق في المعيشة سعة وهذا وعد لذي العسر باليسر.
﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ ﴾ [الحج : ٤٨] من أهل قرية ﴿ عَتَتْ ﴾ أي عصت ﴿ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ﴾ [الطلاق : ٨] أعرضت عنه على وجه العتو والعناد ﴿ فَحَاسَبْنَـاهَا حِسَابًا شَدِيدًا ﴾ [الطلاق : ٨] بالاستقصاء والمناقشة ﴿ وَعَذَّبْنَـاـاهَا عَذَابًا نُّكْرًا ﴾ [
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٩١
الطلاق : ٨] ﴿ نُّكْرًا ﴾ مدني وأبو بكر منكراً عظيماً ﴿ فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَـاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ﴾ [الطلاق : ٩] أي خساراً وهلاكاً، والمراد حساب
٣٩١
الآخرة وعذابها وما يذوقون فيها من الوبال ويلقون من الخسر.
وجيء به على لفظ الماضي لأن المنتظر من وعد الله ووعيده ملقى في الحقيقة وما هو كائن فكأن قد ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ﴾ [المجادلة : ١٥] تكرير للوعيد وبيان لكونه مترقباً كأنه قال : أعد الله لهم هذا العذاب ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَـاأُوْلِى الالْبَـابِ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [الطلاق : ١٠] فليكن لكم ذلك يا أولي الألباب من المؤمنين لطفاً في تقوى الله وحذر عقابه، ويجوز أن يراد إحصاء السيئات واستقصاؤها عليهم في الدنيا وإثباتها في صحائف الحفظة وما أصيبوا به من العذاب في العاجل، وأن يكون ﴿ عَتَتْ ﴾ وما عطف عليه صفة للقرية و ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ ﴾ [التوبة : ٨٩] جواباً لـ ﴿ ءَامَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ﴾ [الطلاق : ١٠] أي القرآن.
انتصب.
﴿ رَّسُولا ﴾ بفعل مضمر تقديره أرسل رسولاً أو بدل من ﴿ ذِكْرًا ﴾ كأنه في نفسه ذكراً وعلى تقدير حذف المضاف أي قد أنزل الله إليكم ذا ذكر رسولاً، أو أريد بالذكر الشرف كقوله ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾ [الزخرف : ٤٤] (الزخرف : ٤٤) أي ذا شرف ومجد عند الله وبالرسول جبريل أو محمد عليهما السلام ﴿ يَتْلُوا ﴾ أي الرسول أو الله عز وجل ﴿ عَلَيْكُمْ ءَايَـاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَـاتٍ لِّيُخْرِجَ ﴾ [الطلاق : ١١] الله.