﴿ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ ﴾ [البقرة : ٢٥] أي ليحصل لهم ما هم عليه الساعة من الإيمان والعمل الصالح، أو ليخرج الذين علم أنهم يؤمنون ﴿ مِنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [إبراهيم : ١] من ظلمات الكفر أو الجهل إلى نور الإيمان أو العلم ﴿ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَـالِحًا يُدْخِلْهُ ﴾ [الطلاق : ١١] وبالنون : مدني وشامي ﴿ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ﴾ وحد وجمع حملاً على لفظ " من " ومعناه ﴿ قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴾ [الطلاق : ١١] فيه معنى التعجب والتعظيم لما رزق المؤمنين من الثواب ﴿ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ ﴾ [الطلاق : ١٢] مبتدأ وخبر ﴿ سَبْعَ سَمَـاوَاتٍ ﴾ [نوح : ١٥] أجمع المفسرون على أن
٣٩٢
السماوات سبع ﴿ وَمِنَ الارْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق : ١٢] بالنصب عطفاً على ﴿ سَبْعَ سَمَـاوَاتٍ ﴾ [البقرة : ٢٩] قيل : ما في القرآن آية تدل على أن الأرضين سبع إلا هذه الآية، وبين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام وغلظ كل سماء كذلك، والأرضون مثل السماوات.
وقيل : الأرض واحدة إلا أن الأقاليم سبعة ﴿ يَتَنَزَّلُ الامْرُ بَيْنَهُنَّ ﴾ [الطلاق : ١٢] أي يجري أمر الله وحكمه بينهن وملكه ينفذ فيهن ﴿ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الطلاق : ١٢] اللام يتعلق بـ ﴿ خَلَقَ ﴾ ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْمَا ﴾ [الطلاق : ١٢] هو تمييز أو مصدر من غير لفظ الأول أي قد علم كل شيء علماً وهو علام الغيوب.
٣٩٣
سورة التحريم
مدنية وهي اثنتا عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ يَـا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ﴾ [التحريم : ١] روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خلا بمارية في يوم عائشة رضي الله عنها وعلمت بذلك حفصة فقال لها : اكتمي عليّ وقد حرمت مارية على نفسي وأبشرك أن أبا بكر وعمر يملكان بعدي أمر أمتي، فأخبرت به عائشة وكانتا مصادقتين.وقيل خلابها في يوم حفصة فأرضاها بذلك واستكتمها فلم تكتم فطلقها واعتزل نساءه ومكث تسعاً وعشرين ليلة في بيت مارية فنزل جبريل عليه السلام وقال : راجعها فإنها صوّامة قوّامة وإنها لمن نسائك في الجنة.
روي أنه شرب عسلاً في بيت زينب بنت جحش فتواطأت عائشة وحفصة وقالتا له : إنا نشم منك ريح المغافير، وكان يكره رسول الله صلى الله عليه وسلّم التفل فحرم العسل، فمعناه لم تحرم ما أحل الله لك من ملك اليمين أو من العسل
٣٩٤
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٩٤
﴿ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ﴾ تفسير لـ ﴿ تُحَرِّمُ ﴾ أو حال أو استئناف وكان هذا زلة منه لأنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ ﴾ [البقرة : ٢٢٥] قد غفر لك ما زللت فيه ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ قد رحمك فلم يؤاخذك به ﴿ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـانِكُمْ ﴾ [التحريم : ٢] قد قدر الله لكم ما تحللون به أيمانكم وهي الكفارة، أو قد شرع لكم تحليلها بالكفارة، أو شرع الله لكم الاستثناء في أيمانكم من قولك حلل فلان في يمينه إذا استثنى فيها وذلك أن يقول " إن شاء الله " عقيبها حتى لا يحنث، وتحريم الحلال يمين عندنا.
وعن مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أعتق رقبة في تحريم مارية.
وعن الحسن أنه لم يكفر لأنه كان مغفوراً له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنما هو تعليم للمؤمنين ﴿ وَاللَّهُ مَوْلَـاـاكُمْ ﴾ [التحريم : ٢] سيدكم ومتولي أموركم.
وقيل : مولاكم أولى بكم من أنفسكم فكانت نصيحته أنفع لكم من نصائحكم أنفسكم ﴿ وَهُوَ الْعَلِيمُ ﴾ [التحريم : ٢] بما يصلحكم فيشرعه لكم ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ فيما أحل وحرم.