﴿ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَـاوَاتٍ طِبَاقًا ﴾ [الملك : ٣] مطابقة بعضها فوق بعض من طابق النعل إذا خصفها طبقاً على طبق، وهذا وصف بالمصدر، أو على ذات طباق أو على طوبقت طباقاً.
وقيل : جمع طبق كجمال وجمال.
والخطاب في ﴿ مَّا تَرَى فِى خَلْقِ الرَّحْمَـانِ ﴾ [الملك : ٣] للرسول أو لكل مخاطب ﴿ مِن تَفَـاوُتٍ ﴾ [الملك : ٣] ﴿ تَفَـاوُتٍ ﴾ حمزة وعلي.
ومعنى البناءين واحد كالتعاهد والتعهد أي من اختلاف واضطراب.
وعن السدي : من عيب.
وحقيقة التفاوت عدم التناسب كأن بعض الشيء يفوت بعضاً ولا يلائمه، وهذه الجملة صفة لـ ﴿ طِبَاقًا ﴾ وأصلها ما ترى فيهن من تفاوت، فوضع ﴿ خَلْقِ الرَّحْمَـانِ ﴾ [الملك : ٣] موضع الضمير تعظيماً لخلقهن وتنبيهاً على سبب سلامتهن من التفاوت، وهو أنه خلق الرحمن وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المتناسب ﴿ فَارْجِعِ الْبَصَرَ ﴾ [الملك : ٣] رده إلى السماء حتى يصح عندك ما أخبرت به بالمعاينة فلا تبقى معك شبهة فيه ﴿ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ﴾ [الملك : ٣] صدوع وشقوق جمع فطر وهو الشق ﴿ ثُمَّ اْرجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ﴾ [الملك : ٤] كرر النظر مرتين أي كرتين مع الأولى.
وقيل : سوى الأولى فتكون ثلاث مرات.
وقيل : لم يرد الاقتصار على مرتين بل أراد به التكرير بكثرة أي كرر نظرك ودققه هل ترى خللاً أو عيباً.
وجواب الأمر ﴿ يَنقَلِبْ ﴾ يرجع ﴿ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا ﴾ [الملك : ٤] ذليلاً أو بعيداً مما تريد وهو حال من البصر
٤٠١
﴿ وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [الملك : ٤] كليل معي ولم ير فيها خللاً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٠
﴿ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا ﴾ [الملك : ٥] القربى أي السماء الدنيا منكم ﴿ بِمَصَـابِيحَ ﴾ بكواكب مضيئة كإضاءة الصبح، والمصابيح السرج فسميت بها الكواكب، والناس يزينون مساجدهم ودورهم بإيقاد المصابيح.
فقيل : ولقد زينا سقف الدار التي اجتمعتم فيها بمصابيح أي بأي مصابيح لا توازيها مصابيحكم إضاءة ﴿ وَجَعَلْنَـاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَـاطِينِ ﴾ [الملك : ٥] أي لأعدائكم الذين يخرجونكم من النور إلى الظلمات، قال قتادة : خلق الله النجوم لثلاث زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك فقد تكلف ما لا علم له به.
والرجوم جمع رجم وهو مصدر سمي به ما يرجم به.
ومعنى كونها رجوماً للشياطين أن ينفصل عنها شهاب قبس يؤخذ من نار فيقتل الجني أو يخبله، لأن الكواكب لا تزول عن أماكنها لأنها قارة في الفلك على حالها ﴿ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ ﴾ [الملك : ٥] للشياطين ﴿ عَذَابَ السَّعِيرِ ﴾ [الحج : ٤] في الآخرة بعد الإحراق بالشهب في الدنيا.
﴿ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ﴾ [الملك : ٦] ولكل من كفر بالله من الشياطين وغيرهم ﴿ عَذَابُ جَهَنَّمَ ﴾ [الفرقان : ٦٥] ليس الشياطين المرجومون مخصوصون بذلك ﴿ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة : ١٢٦] المرجع جهنم ﴿ إِذَآ أُلْقُوا فِيهَا ﴾ [الملك : ٧] طرحوا في جهنم كما يطرح الحطب في النار العظيمة ﴿ سَمِعُوا لَهَا ﴾ [الفرقان : ١٢] لجهنم ﴿ شَهِيقًا ﴾ صوتاً منكراً كصوت الحمير شبه حسيسها المنكر الفظيع بالشهيق ﴿ وَهِىَ تَفُورُ ﴾ [الملك : ٧] تغلي بهم غليان المرجل بما فيه ﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ ﴾ [الملك : ٨] أي تتميز يعني تتقطع وتتفرق ﴿ مِنَ الْغَيْظِ ﴾ [آل عمران : ١١٩] على الكفار فجعلت كالمغتاظة عليهم استعارة لشدة غليانها بهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٠
﴿ كُلَّمَآ أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ ﴾ [الملك : ٨] جماعة من الكفار ﴿ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ ﴾ [الملك : ٨] مالك وأعوانه من الزبانية توبيخاً لهم ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾ [الملك : ٨] رسول يخوفكم من هذا العذاب
٤٠٢