﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ ﴾ [الحاقة : ١١] ارتفع وقت الطوفان على أعلى جبل في الدنيا خمسة عشر ذراعاً ﴿ حَمَلْنَـاكُمْ ﴾ أي آباءكم ﴿ فِى الْجَارِيَةِ ﴾ [الحاقة : ١١] في سفينة نوح عليه السلام ﴿ لِنَجْعَلَهَا ﴾ أي الفعلة وهي إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين ﴿ لَكُمْ تَذْكِرَةً ﴾ [الحاقة : ١٢] عبرة وعظة ﴿ وَتَعِيَهَآ ﴾ وتحفظها ﴿ أُذُنٌ ﴾ بضم الذال : غير نافع ﴿ وَاعِيَةٌ ﴾ حافظة لما تسمع.
قال قتادة : وهي أذن عقلت عن الله وانتفعت بما سمعت.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٨
﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ [الحاقة : ١٣] هي النفخة الأولى ويموت عندها الناس، والثانية يبعثون عندها ﴿ وَحُمِلَتِ الارْضُ وَالْجِبَالُ ﴾ [الحاقة : ١٤] رفعتا عن موضعهما ﴿ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الحاقة : ١٤] دقتا وكسرتا أي ضرب بعضها ببعض حتى تندق وترجع كثيباً مهيلاً وهباء منبثاً ﴿ فَيَوْمَـاـاِذٍ ﴾ فحينئذ ﴿ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴾ [الواقعة : ١] نزلت النازلة وهي القيامة، وجواب " إذا " ﴿ وَقَعَتِ ﴾ و ﴿ يَوْمَـاـاِذٍ ﴾ بدل من " إذا " ﴿ وَانشَقَّتِ السَّمَآءُ ﴾ [الحاقة : ١٦] فتّحت أبواباً ﴿ فَهِىَ يَوْمَـاـاِذٍ وَاهِيَةٌ ﴾ [الحاقة : ١٦] مسترخية ساقطة القوة بعد ما كانت محكمة ﴿ وَالْمَلَكُ ﴾ للجنس بمعنى الجمع وهو أعم من الملائكة ﴿ عَلَى أَرْجَآ ـاِهَا ﴾ [الحاقة : ١٧] جوانبها واحدها رجا مقصور لأنها إذا انشقت وهي مسكن الملائكة فيلجؤن إلى أطرافها ﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ ﴾ [الحاقة : ١٧] فوق الملك الذين على أرجائها ﴿ يَوْمَـاـاِذٍ ثَمَـانِيَةٌ ﴾ [الحاقة : ١٧] منهم، واليوم تحمله أربعة وزيدت أربعة أخرى يوم القيامة.
وعن الضحاك : ثمانية صفوف.
وقيل : ثمانية أصناف.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٨
﴿ يَوْمَـاـاِذٍ تُعْرَضُونَ ﴾ [الحاقة : ١٨] للحساب، والسؤال شبه ذلك بعرض السلطان العسكر لتعرّف أحواله ﴿ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة : ١٨] سريرة وحال كانت تخفى في الدنيا.
وبالياء : كوفي غير عاصم.
وفي الحديث :" يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات : فأما
٤٢٠
عرضتان فجدال ومعاذير، وأما الثالثة فعندها تطير الصحف فيأخذ الفائز كتابه بيمينه والهالك كتابه بشماله " ﴿ فَأَمَّا ﴾ تفصيل للعرض ﴿ مَنْ أُوتِىَ كِتَـابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ ﴾ [الحاقة : ١٩] سروراً به لما يرى فيه من الخيرات خطاباً لجماعته ﴿ هَآؤُمُ ﴾ اسم للفعل أي خذوا ﴿ اقْرَءُوا كِتَـابِيَهْ ﴾ تقديره هاؤم كتابي اقرؤا كتابيه فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، والعامل في ﴿ كِتَـابِيَهْ ﴾ عند البصريين لأنهم يعملون الأقرب.
والهاء في ﴿ اقْرَءُوا كِتَـابِيَهْ ﴾ [الحاقة : ١٩] و ﴿ حِسَابِيَهْ ﴾ و ﴿ مَالِيَهْ ﴾ و ﴿ سُلْطَـانِيَهْ ﴾ للسكت، وحقها أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل، وقد استحب إيثار الوقف إيثاراً لثباتها لثبوتها في المصحف ﴿ إِنِّى ظَنَنتُ ﴾ [الحاقة : ٢٠] علمت.
وإنما أجري الظن مجرى العلم، لأن الظن الغالب يقوم مقام العلم في العادات والأحكام، ولأن ما يدرك بالاجتهاد فلما يخلو عن الوسواس والخواطر وهي تفضي إلى الظنون، فجاز إطلاق لفظ الظن عليها لما لا يخلو عنه ﴿ أَنِّى مُلَـاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [الحاقة : ٢٠] معاين حسابي ﴿ فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ [الحاقة : ٢١] ذات رضا يرضى بها صاحبها كلابن ﴿ فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ [الحاقة : ٢٢] رفيعة المكان أو رفيعة الدرجات أو رفيعة المباني والقصور وهو خبر بعد خبر ﴿ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة : ٢٣] ثمارها ريبة من مريدها ينالها القائم والقاعد والمتكىء يقال لهم :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٨
﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِياـاَا ﴾ [الحاقة : ٢٤] أكلاً هنيئاً لا مكروه فيهما ولا أذى أو هنئتم هنيئاً على المصدر ﴿ بِمَآ أَسْلَفْتُمْ ﴾ [الحاقة : ٢٤] بما قدمتم من الأعمال الصالحة ﴿ فِى الايَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ [الحاقة : ٢٤] الماضية من أيام الدنيا.
وعن ابن عباس : هي في الصائمين أي كلوا واشربوا بدل ما أمسكتم عن الأكل والشرب لوجه الله.
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَـالَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَـابِيَهْ ﴾ [الحاقة : ٢٥] لما يرى فيها من الفضائح
٤٢١