وتضرب رقبته، وخص اليمين لأن القتّال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخد بيساره، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يكفحه بالسيف ـ وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف ـ أخذ بيمينه، ومعنى لأخذنا منه باليمين لأخدنا بيمينه، وكذا ﴿ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ [الحاقة : ٤٦] لقطعنا وتينه وهو نياط القلب إذا قطع مات صاحبه ﴿ فَمَا مِنكُم ﴾ [الحاقة : ٤٧] الخطاب للناس أو للمسلمين ﴿ مِّنْ أَحَدٍ ﴾ [النور : ٢١] " من " زائدة ﴿ عَنْهُ ﴾ عن قتل محمد وجمع ﴿ حَـاجِزِينَ ﴾ وإن كان وصف ﴿ أَحَدٍ ﴾ لأنه في معنى الجماعة ومنه قوله تعالى ﴿ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ [البقرة : ٢٨٥] (البقرة : ٥٨٢) ﴿ وَإِنَّهُ ﴾ وإن القرآن ﴿ لَتَذْكِرَةٌ ﴾ لعظة ﴿ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ وإن القرآن ﴿ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَـافِرِينَ ﴾ [الحاقة : ٥٠] به المكذبين له إذا رأوا ثواب المصدقين به ﴿ وَإِنَّهُ ﴾ وإن القرآن ﴿ لَحَقُّ الْيَقِينِ ﴾ [الحاقة : ٥١] لعين اليقين ومحض اليقين ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة : ٧٤] فسبح الله بذكر اسمه العظيم وهو قوله سبحان الله.
٤٢٤
سورة المعارج
مكية وهي أربع وأربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ سَأَلَ سَآئلُ ﴾ [المعارج : ١] هو النضر بن الحرث قال :﴿ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الانفال : ٣٢] (الأنفال : ٢٣) أو هو النبي صلى الله عليه وسلّم دعا بنزول العذاب عليهم.
ولما ضمن سأل معنى دعا عدى تعديته كأنه قيل : دعا داع ﴿ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ [المعارج : ١] من قولك : دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه ومنه قوله تعالى :﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَـاكِهَةٍ ﴾ [الدخان : ٥٥] (الدخان : ٥٥).
و ﴿ سَأَلَ ﴾ بغير همز : مدني وشامي وهو من السؤال أيضاً إلا أنه خفف بالتليين و ﴿ سَآ ـاِلُ ﴾ مهموز إجماعاً ﴿ لِّلْكَـافِرِينَ ﴾ صفة >ـ ﴿ عَذَابَ ﴾ أي بعذاب واقع كائن للكافرين ﴿ لَيْسَ لَهُ ﴾ [المعارج : ٢] لذلك العذاب ﴿ دَافِعٌ ﴾ راد ﴿ مِّنَ اللَّهِ ﴾ [الجن : ٢٢] متصل بواقع أي واقع من عنده أو بدافع أي ليس له دافع من جهته تعالى إذا جاء وقته ﴿ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾ [المعارج : ٣] أي مصاعد السماء للملائكة جمع معرج وهو موضع العروج.
ثم وصف المصاعد وبعد مداها في العلو والارتفاع فقال
٤٢٥
﴿ تَعْرُجُ ﴾ تصعد.
وبالياء : علي ﴿ الْمَلَـائكَةُ وَالرُّوحُ ﴾ [القدر : ٤] أي جبريل عليه السلام خصه بالذكر بعد العموم لفضله وشرفه، أو خلق هم حفظة على الملائكة كما أن الملائكة حفظة علينا، أو أرواح المؤمنين عند الموت ﴿ إِلَيْهِ ﴾ إلى عرشه ومهبط أمره ﴿ فِى يَوْمٍ ﴾ [البلد : ١٤] من صلة تعرج ﴿ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج : ٤] من سني الدنيا لو صعد فيه غير الملك، أو " من " صلة ﴿ وَاقِعٍ ﴾ أي يقع في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم وهو يوم القيامة، فإما أن يكون استطالة له لشدته على الكفار، أو لأنه على الحقيقة كذلك فقد قيل فيه خمسون موطناً كل موطن ألف سنة، وما قدر ذلك على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٥


الصفحة التالية
Icon