﴿ فَاصْبِرْ ﴾ متعلق بـ ﴿ سَأَلَ سَآ ـاِلُ ﴾ [المعارج : ١] لأن استعجال النضر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلّم والتكذيب بالوحي، وكان ذلك مما يضجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فأمر بالصبر عليه ﴿ صَبْرًا جَمِيلا ﴾ [المعارج : ٥] بلا جزع ولا شكوى ﴿ إِنَّهُمْ ﴾ إن الكفار ﴿ يَرَوْنَهُ ﴾ أي العذاب أو يوم القيامة ﴿ بَعِيدًا ﴾ مستحيلاً ﴿ وَنَرَاـاهُ قَرِيبًا ﴾ [المعارج : ٧] كائناً لا محالة، فالمراد بالبعيد من الإمكان وبالقريب القريب منه.
نصب ﴿ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَآءُ ﴾ [المعارج : ٨] بـ ﴿ قَرِيبًا ﴾ أي يمكن في ذلك اليوم أو هو بدل عن ﴿ فِى يَوْمٍ ﴾ [البلد : ١٤] فيمن علقه بـ ﴿ وَاقِعٍ ﴾ ﴿ كَالْمُهْلِ ﴾ كدردي الزيت أو كالفضة المذابة في تلونها ﴿ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ﴾ [المعارج : ٩] كالصوف المصبوغ ألواناً لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، فإذا بست وطيرت في الجو اشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح ﴿ وَلا يَسْـاَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ﴾ [المعارج : ١٠] لا يسأل قريب عن قريب لاشتغاله بنفسه.
وعن البزي والبرجمي : بضم الياء أي ولا يسأل قريب عن قريب أي لا يطالب به ولا يؤخذ بذنبه.
٤٢٦
﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ صفة أي حميماً مبصرين معرفين إياهم، أو مستأنف كأنه لما قال ﴿ وَلا يَسْـاَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ﴾ [المعارج : ١٠] قيل : لعله لا يبصره.
فقيل : يبصرونهم ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم.
والواو ضمير الحميم الأول و " هم " ضمير الحميم الثاني أي يبصر الأحماء الأحماء فلا يخفون عليهم.
وإنما جمع الضميران وهما للحميمين لأن فعيلاً يقع موقع الجمع ﴿ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ ﴾ [المعارج : ١١] يتمنى المشرك وهو مستأنف، أو حال من الضمير المرفوع، أو المنصوب من ﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ ﴿ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِـاـاِذ ﴾ [المعارج : ١١] وبالفتح : مدني وعلي على البناء للإضافة إلى غير متمكن ﴿ بِبَنِيهِ * وَصَـاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ﴾ وزوجته ﴿ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ ﴾ وعشيرته الأدنين ﴿ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِى ﴾ [المعارج : ١٣] تضمه انتماء إليها.
وبغير همز : يزيد.
﴿ وَمَن فِى الارْضِ جَمِيعًا ﴾ [المعارج : ١٤] من الناس ﴿ ثُمَّ يُنجِيهِ ﴾ [المعارج : ١٤] الافتداء عطف على يفتدي.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٥
﴿ كَلا ﴾ ردع للمجرم عن الودادة وتنبيه على أنه لا ينفعه الافتداء ولا ينجيه من العذاب ﴿ إِنَّهَا ﴾ إن النار، ودل ذكر العذاب عليها، أو هو ضمير مبهم ترجم عنه الخبر أو ضمير القصة ﴿ لَظَى ﴾ علم للنار ﴿ نَزَّاعَةً ﴾ حفص والمفضل على الحال المؤكدة، أو على الاختصاص للتهويل.
وغيرهما بالرفع خبر بعد خبر لـ " إن " أو على " هي نزاعة " ﴿ لِّلشَّوَى ﴾ لأطراف الإنسان كاليدين والرجلين، أو جمع شواة وهي جلدة الرأس تنزعها نزعاً فتفرقها ثم تعود إلى ما كانت ﴿ تَدْعُوا ﴾ بأسمائهم يا كافر يا منافق إليّ إليّ، أو تهلك من قولهم دعاك الله أي أهلكك، أو لما كان مصيره إليها جعلت كأنها دعته ﴿ مَنْ أَدْبَرَ ﴾ [المعارج : ١٧] عن الحق ﴿ وَتَوَلَّى ﴾ عن الطاعة ﴿ وَجَمَعَ ﴾ المال ﴿ فَأَوْعَى ﴾ فجعله في وعاء ولم يؤد حق الله منه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٥
﴿ إِنَّ الانسَـانَ ﴾ [المعارج : ١٩] أريد به الجنس ليصح استثناء المصلين منه ﴿ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾ [المعارج : ١٩]
٤٢٧
عن ابن عباس رضي الله عنهما : تفسيره ما بعده ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾ والهلع : سرعة الجزع عند مس المكروه وسرعة المنع عند مس الخير.
وسأل محمد بن عبد الله بن طاهر ثعلباً عن الهلع فقال : قد فسره الله تعالى ولا يكون تفسير أبين من تفسيره، وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع، وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس، وهذا طبعه وهو مأمور بمخالفة طبعه وموافقة شرعه.
والشر : الضر والفقر.
والخير : السعة والغنى أو المرض والصحة
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٧