﴿ ثُمَّ إِنِّى دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ﴾ [نوح : ٨] مصدر في موضع الحال أي مجاهراً، أو مصدر دعوتهم كـ " قعد القرفصاء " لأن الجهار أحد نوعي الدعاء يعني أظهرت لهم الدعوة في المحافل
٤٣٢
﴿ ثُمَّ إِنِّى أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ﴾ [نوح : ٩] أي خلطت دعاءهم بالعلانية بدعاء السر، فالحاصل أنه دعاهم ليلاً ونهاراً في السر، ثم دعاهم جهاراً، ثم دعاهم في السر والعلن، وهكذا يفعل الآمر بالمعروف يبتدىء بالأهون ثم بالأشد فالأشد، فافتتح بالمناصحة في السر فلما لم يقبلوا ثنّى بالمجاهرة، فلما لم تؤثر ثلّث بالجمع بين الإسرار والإعلان.
و " ثم " تدل على تباعد الأحوال لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلظ من إفراد أحدهما.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٣١
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ﴾ [نوح : ١٠] من الشرك لأن الاستغفار طلب المغفرة، فإن كان المستغفر كافراً فهو من الكفر، وإن كان عاصياً مؤمناً فهو من الذنوب ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴾ [نوح : ١٠] لم يزل غفاراً لذنوب من ينيب إليه ﴿ يُرْسِلِ السَّمَآءَ ﴾ [نوح : ١١] المطر ﴿ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ﴾ [نوح : ١١] كثيرة الدرور ومفعال يستوي فيه المذكر والمؤنث ﴿ وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ﴾ [نوح : ١٢] يزدكم أموالاً وبنين ﴿ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـاتٍ ﴾ [نوح : ١٢] بساتين ﴿ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَـارًا ﴾ [نوح : ١٢] جارية لمزارعكم وبساتينكم، وكانوا يحبون الأموال والأولاد فحرّكوا بهذا على الإيمان.
وقيل : لما كذبوه بعد طول تكرير الدعوة حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة أو سبعين، فوعدهم أنهم إن آمنوا رزقهم الله الخصب ورفع عنهم ما كانوا فيه.
وعن عمر رضي الله عنه أنه خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار فقيل له : ما رأيناك استسقيت فقال : لقد استسقيت بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر.
شبه عمر الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطىء وقرأ الآيات.
وعن الحسن أن رجلاً شكا إليه الجدب فقال : استغفر الله.
وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار.
فقال له الربيع بين صبيح : أتاك رجال يشكون أبواباً فأمرتهم كلهم بالاستغفار فتلا الآيات.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٣١
﴿ مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [نوح : ١٣] لا تخافون لله عظمة.
عن الأخفش قال :
٤٣٣


الصفحة التالية
Icon