﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ [المزمل : ١٠] فيّ من الصاحبة والولد وفيك من الساحر والشاعر ﴿ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا ﴾ [المزمل : ١٠] جانبهم بقلبك وخالفهم مع حسن المحافظة وترك المكافأة.
وقيل : هو منسوخ بآية القتال ﴿ وَذَرْنِى ﴾ أي كلهم إليّ فأنا كافيهم ﴿ وَالْمُكَذِّبِينَ ﴾ رؤساء قريش مفعول معه أو عطف على ﴿ ذَرْنِى ﴾ أي دعني وإياهم ﴿ أُوالِى النَّعْمَةِ ﴾ [المزمل : ١١] التنعم وبالكسر الإنعام وبالضم المسرة ﴿ وَمَهِّلْهُمْ ﴾ إمهالاً ﴿ قَلِيلا ﴾ إلى يوم بدر أو إلى يوم القيامة ﴿ إِنَّ لَدَيْنَآ ﴾ [المزمل : ١٢] للكافرين في الآخرة ﴿ أَنكَالا ﴾ قيوداً ثقالاً جمع نكل ﴿ وَجَحِيمًا ﴾ ناراً محرقة ﴿ وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ ﴾ [المزمل : ١٣] أي الذي ينشب في الحلوق فلا ينساغ يعني الضريع والزقوم ﴿ وَعَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [المزمل : ١٣] يخلص وجعه إلى القلب.
وروي أنه صلى الله عليه وسلّم قرأ هذه الآية فصعق.
وعن الحسن أنه أمسى صائماً فأتي بطعام فعرضت له هذه الآية فقال : ارفعه.
ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال : ارفعه، وكذلك الليلة الثالثة فأخبر ثابت البناني وغيره فجاءوا فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤٥
﴿ يَوْمَ ﴾ منصوب بما في ﴿ لَدَيْنَآ ﴾ من معنى الفعل أي استقر للكفار لدينا كذا
٤٤٧
وكذا يوم ﴿ تَرْجُفُ الارْضُ وَالْجِبَالُ ﴾ [المزمل : ١٤] أي تتحرك حركة شديدة ﴿ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا ﴾ [المزمل : ١٤] رملاً مجتمعاً من كثب الشيء إذا جمعه كأنه فعيل بمعنى مفعول ﴿ مَّهِيلا ﴾ سائلاً بعد اجتماعه ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ ﴾ [المزمل : ١٥] يا أهل مكة ﴿ رَسُولا ﴾ يعني محمداً عليه السلام ﴿ شَـاهِدًا عَلَيْكُمْ ﴾ [المزمل : ١٥] يشهد عليكم يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم ﴿ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا ﴾ [المزمل : ١٥] يعني موسى عليه السلام ﴿ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ﴾ [المزمل : ١٦] أي ذلك الرسول " إذ " النكرة وإذا أعيدت معرفة كان الثاني عين الأول ﴿ فَأَخَذْنَـاهُ أَخْذًا وَبِيلا ﴾ [المزمل : ١٦] شديداً غليظاً.
وإنما خص موسى وفرعون لأن خبرهما كان منتشراً بين أهل مكة لأنهم كانوا جيران اليهود ﴿ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا ﴾ [المزمل : ١٧] هو مفعول ﴿ تَتَّقُونَ ﴾ أي كيف تتقون عذاب يوم كذا إن كفرتم؟ أو ظرف أي فكيف لكم التقوى في يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا؟ أو منصوب بـ ﴿ كَفَرْتُمْ ﴾ على تأويل جحدتم أي كيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة والجزاء لأن تقوى الله خوف عقابه ﴿ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ ﴾ [المزمل : ١٧] صفة لـ ﴿ يَوْمًا ﴾ والعائد محذوف أي فيه ﴿ شِيبًا ﴾ من هوله وشدته وذلك حين يقال لآدم عليه السلام : قم فابعث بعث النار من ذريتك وهو جمع أشيب.
وقيل : هو على التمثيل للتهويل يقال لليوم الشديد : يوم يشيب نواصي الأطفال.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤٧
﴿ السَّمَآءُ مُنفَطِرُ بِهِ ﴾ [المزمل : ١٨] وصف لليوم بالشدة أيضاً أي السماء على عظمها وإحكامها تنفطر به أي تنشق فما ظنك بغيرها من الخلائق؟ والتذكير على تأويل السماء بالسقف أو السماء شيء منفطر، وقوله ﴿ بِهِ ﴾ أي بيوم القيامة يعني أنها تنفطر لشدة ذلك اليوم وهوله كما ينفطر الشيء بما يفطر به ﴿ كَانَ وَعْدُهُ ﴾ [مريم : ٦١] المصدر مضاف إلى المفعول وهو اليوم، أو إلى الفاعل وهو الله عز وجل ﴿ مَفْعُولا ﴾ كائناً ﴿ إِنَّ هَـاذِهِ ﴾ [الأنبياء : ٩٢] الآيات الناطقة بالوعيد ﴿ تَذْكِرَةٌ ﴾ موعظة ﴿ فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا ﴾ [المزمل : ١٩] أي فمن شاء اتعظ بها واتخذ سبيلاً إلى الله بالتقوى والخشية.
٤٤٨