ولم ينصرف للتعريف والتأنيث ﴿ وَمَآ أَدْرَاـاكَ مَا سَقَرُ ﴾ [المدثر : ٢٧] تهويل لشأنها ﴿ لا تُبْقِى ﴾ [المدثر : ٢٨] أي هي لا تبقى لحماً ﴿ وَلا تَذَرُ ﴾ [المدثر : ٢٨] عظماً أو لا تبقى شيئاً يبقى فيها إلا أهلكته ولا تذره هالكاً بل يعود كما كان ﴿ لَوَّاحَةٌ ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي هي لواحة ﴿ لِّلْبَشَرِ ﴾ جمع بشرة وهي ظاهرة الجلد أي مسوّدة للجلود ومحرقة لها ﴿ عَلَيْهَا ﴾ على سقر ﴿ تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ [المدثر : ٣٠] أي يلي أمرها تسعة عشر ملكاً عند الجمهور.
وقيل : صنفاً من الملائكة.
وقيل : صفاً.
وقيل : نقيباً ﴿ وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَـابَ النَّارِ ﴾ [المدثر : ٣١] أي خزنتها ﴿ إِلا مَلَـائكَةً ﴾ [المدثر : ٣١] لأنهم خلاف جنس المعذبين فلا تأخذهم الرأفة والرقة لأنهم أشد الخلق بأساً فللواحد منهم قوة الثقلين.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٤
﴿ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ ﴾ [المدثر : ٣١] تسعة عشر ﴿ إِلا فِتْنَةً ﴾ [المدثر : ٣١] أي ابتلاء واختبار ﴿ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [التحريم : ١٠] حتى قال أبو جهل : لما نزلت ﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾ [المدثر : ٣٠] أما يستطيع كل عشر منكم أن يأخذوا واحداً منهم وأنتم الدهم، فقال أبو الأشد وكان شديد البطش : أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين فنزلت ﴿ وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَـابَ النَّارِ إِلا مَلَـائكَةً ﴾ [المدثر : ٣١] أي وما جعلناهم رجالاً من جنسكم يطاقون.
وقالوا : في تخصيص الخزنة بهذا العدد مع أنه لا يطلب في الأعداد العلل أن ستة منهم يقودون الكفرة إلى النار، وستة يسوقونهم، وستة يضربونهم بمقامع الحديد، والآخر خازن جهنم وهو مالك وهو الأكبر.
وقيل : في سقر تسعة عشر دركاً وقد سلط على كل درك ملك.
وقيل : يعذب فيها بتسعة عشر لوناً من العذاب وعلى كل لون ملك موكل.
وقيل : إن جهنم تحفظ بما تحفظ به الأرض من الجبال وهي تسعة عشر وإن كان أصلها مائة وتسعين إلا أن غيرها يشعب عنها ﴿ لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ ﴾ [المدثر : ٣١] لأن عدتهم تسعة عشر في الكتابين فإذا سمعوا بمثلها في القرآن أيقنوا أنه منزل من الله ﴿ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [المدثر : ٣١] بمحمد وهو عطف على ﴿ لِيَسْتَيْقِنَ ﴾ ﴿ إِيمَـانًا ﴾ لتصديقهم بذلك كما صدقوا سائر ما أنزل، أو يزدادوا يقيناً لموافقة كتابهم كتاب أولئك ﴿ وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المدثر : ٣١] هذا عطف أيضاً، وفيه توكيد للاستيقان وزيادة الإيمان إذ الاستيقان وازدياد الإيمان دالان على انتفاء الارتياب.
ثم عطف على ﴿ لِيَسْتَيْقِنَ ﴾ أيضاً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٤
﴿ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ [المدثر : ٣١] نفاق ﴿ وَالْكَـافِرُونَ ﴾ المشركون فإن قلت : النفاق ظهر في المدينة والسورة
٤٥٥