جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٤
﴿ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر : ٤٣] أي لم نعتقد فرضيتها ﴿ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴾ [المدثر : ٤٤] كما يطعم المسلمون ﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَآ ـاِضِينَ ﴾ [المدثر : ٤٥] الخوض : الشروع في الباطل.
أي نقول الباطل والزور في آيات الله ﴿ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾ [المدثر : ٤٦] الحساب والجزاء ﴿ حَتَّى أَتَـاـانَا الْيَقِينُ ﴾ [المدثر : ٤٧] الموت
٤٥٧
﴿ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَـاعَةُ الشَّـافِعِينَ ﴾ [المدثر : ٤٨] من الملائكة والنبيين والصالحين لأنها للمؤمنين دون الكافرين.
وفيه دليل ثبوت الشفاعة للمؤمنين في الحديث :" إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من ربيعة ومضر " ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ ﴾ [المدثر : ٤٩] عن التذكير وهو العظة أي القرآن ﴿ مُعْرِضِينَ ﴾ مولين حال من الضمير نحو : مالك قائماً ﴿ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ ﴾ [المدثر : ٥٠] أي حمر الوحش حال من الضمير في ﴿ مُعْرِضِينَ ﴾ ﴿ مُّسْتَنفِرَةٌ ﴾ شديدة النفار كأنها تطلب النفار من نفوسها.
وبفتح الفاء : مدني وشامي أي استنفرها غيرها ﴿ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَة ﴾ [المدثر : ٥١] حال و " قد " معها مقدرة.
والقسورة : الرماة أو الأسد فعولة من القسر وهو القهر والغلبة، شبهوا في إعراضهم عن القرآن واستماع الذكر بحمر جدت في نفارها.
﴿ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِى ٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً ﴾ [المدثر : ٥٢] قراطيس تنشر وتقرأ وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : لن نتبعك حتى تأتي كل واحد منا بكتب من السماء عنوانها : من رب العالمين إلى فلان بن فلان نؤمر فيها باتباعك.
ونحوه قوله :﴿ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَـابًا نَّقْرَؤُهُ ﴾ (الإسراء : ٣٩) وقيل : قالوا إن كان محمد صادقاً فليصبح عند رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءته وأمنه من النار ﴿ كَلا ﴾ ردع لهم عن تلك الإرادة وزجر عن اقتراح الآيات.
ثم قال :﴿ بَل لا يَخَافُونَ الاخِرَةَ ﴾ [المدثر : ٥٣] فلذلك أعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف ﴿ كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ﴾ [المدثر : ٥٤] ردعهم عن إعراضهم عن التذكرة وقال : إن القرآن تذكرة بليغة كافية ﴿ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ ﴾ [المدثر : ٥٥] أي فمن شاء أن يذكره ولا ينساه فعل.
فإن نفع ذلك عائد إليه ﴿ وَمَا يَذْكُرُونَ ﴾ [المدثر : ٥٦] وبالتاء : نافع ويعقوب ﴿ إِلا أَن يَشَآءَ اللَّهُ ﴾ إلا وقت مشيئة الله وإلا بمشيئة الله ﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [المدثر : ٥٦] في الحديث :" هو أهل أن يتقي وأهل أن يغفر لمن اتقاه ".
٤٥٨
سورة القيامة
مكية وهي أربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَـامَةِ ﴾ [القيامة : ١] أي أقسم.عن ابن عباس : و " لا " كقوله ﴿ لِّئَلا يَعْلَمَ ﴾ [الحديد : ٢٩] (الحديد : ٩٢) وقوله :
في بئر لا حور سرى وما شعر وكقوله :
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة
وكاد ضمير القلب لا يتقطع
وعليه الجمهور وعن الفراء :" لا " رد لإنكار المشركين البعث كأنه قيل : ليس الأمر كما تزعمون ثم قيل : أقسم بيوم القيامة.
وقيل : أصله لأقسم كقراءة ابن كثير على أن اللام للابتداء و ﴿ أُقْسِمُ ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي لأنا أقسم ويقويه أنه في " الإمام " بغير الألف ثم أشبع فظهر من الإشباع ألف، وهذا اللام يصحبه نون التأكيد في الأغلب وقد يفارقه ﴿ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة : ٢] الجمهور على أنه قسم آخر.
وعن الحسن : أقسم
٤٥٩
بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة فهي صفة ذم وعلى القسم صفة مدح أي النفس المتقية التي تلوم على التقصير في التقوى وقيل : هي نفس آدم لم تزل تلوم على فعلها التي خرجت به من الجنة، وجواب القسم محذوف أي لتبعثن دليله ﴿ أَيَحْسَبُ الانسَـانُ ﴾ [القيامة : ٣٦] أي الكافر المنكر للبعث ﴿ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ ﴾ [القيامة : ٣] بعد تفرقها ورجوعها رفاتاً مختلطاً بالتراب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٩