﴿ وَيُسْقَوْنَ ﴾ أي الأبرار ﴿ فِيهَآ ﴾ في الجنة ﴿ كَأْسًا ﴾ خمراً ﴿ كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلا * عَيْنًا ﴾ بدل من ﴿ زَنجَبِيلا ﴾ ﴿ فِيهَآ ﴾ في الجنة ﴿ تُسَمَّى ﴾ تلك العين ﴿ سَلْسَبِيلا ﴾ سميت العين زنجبيلاً لطعم الزنجبيل فيها، والعرب تستلذه وتستطيبه.
وسلسبيلاً لسلاسة انحدارها وسهولة مساغها.
قال أبو عبيدة : ماء سلسبيل أي عذب طيب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٤
﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ ﴾ [الإنسان : ١٩] غلمان ينشئهم الله لخدمة المؤمنين، أو ولدان الكفرة يجعلهم الله تعالى خدماً لأهل الجنة ﴿ مُّخَلَّدُونَ ﴾ لا يموتون ﴿ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ ﴾ [الإنسان : ١٩] لحسنهم وصفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم ﴿ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا ﴾ [الإنسان : ١٩] وتخصيص المنثور لأنه أزين في النظر من المنظوم ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ ﴾ [الإنسان : ٢٠] ظرف أي في الجنة وليس لـ ﴿ رَأَيْتُ ﴾ مفعول ظاهر ولا مقدر ليشيع في كل مرئي تقديره وإذا اكتسبت الرؤية في الجنة ﴿ رَأَيْتَ نَعِيمًا ﴾ [الإنسان : ٢٠] كثيراً ﴿ وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾ [الإنسان : ٢٠] واسعاً.
يروى أن أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه.
وقيل : ملك لا يعقبه هلك، أو لهم فيها ما يشاؤون أو تسلم عليهم الملائكة ويستأذنون في الدخول عليهم ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ بالنصب على أنه حال من الضمير في ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ ﴾ [الواقعة : ١٧] أي يطوف عليهم ولدان عالياً للمطوف عليهم ثياب.
وبالسكون : مدني وحمزة على أنه مبتدأ خبره ﴿ ثِيَابُ سُندُسٍ ﴾ [الإنسان : ٢١] أي ما يعلوهم من ملابسهم ثياب سندس رقيق الديباج.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٨
﴿ خُضْرٍ ﴾ جمع أخضر ﴿ وَإِسْتَبْرَقٍ ﴾ غليظ يرفعهما حملاً على الثياب : نافع وحفص، وبجرهما : حمزة وعلي حملاً على ﴿ سُندُسٍ ﴾ وبرفع الأول وجر الثاني أو عكسه : غيرهم ﴿ وَحُلُّوا ﴾ عطف على ﴿ وَيَطُوفُ ﴾ ﴿ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ ﴾ [الإنسان : ٢١] وفي سورة " الملائكة " :﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ﴾ [الحج : ٢٣] (الحج : ٣٢).
قال ابن المسيب : لا أحد من أهل الجنة إلا وفي يده ثلاثة أسورة : واحدة من فضة وأخرى من ذهب وأخرى من لؤلؤ.
﴿ وَسَقَـاـاهُمْ رَبُّهُمْ ﴾ [الإنسان : ٢١] أضيف إليه تعالى للتشريف والتخصيص.
وقيل : إن الملائكة يعرضون عليهم الشراب فيأبون قبوله منهم ويقولون : لقد طال أخذنا من الوسائط فإذا هم بكاسات تلاقي أفواههم
٤٦٨
بغير أكف من غيب إلى عبد ﴿ شَرَابًا طَهُورًا ﴾ [الإنسان : ٢١] ليس برجس كخمر الدنيا لأن كونها رجساً بالشرع لا بالعقل ولا تكليف ثم، أو لأنه لم يعصر فتمسه الأيدي الوضرة وتدوسه الأقدام الدنسة يقال لأهل الجنة ﴿ إِنَّ هَـاذَآ ﴾ [ص : ٢٣] النعيم ﴿ كَانَ لَكُمْ جَزَآءً ﴾ [الإنسان : ٢٢] لأعمالكم ﴿ وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا ﴾ [الإنسان : ٢٢] محموداً مقبولاً مرضياً عندنا حيث قلتم للمسكين واليتيم والأسير لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً.


الصفحة التالية
Icon