في إلياس والخضر إنهما حيان، وقيل إلياس وكل بالفيافي كما وكل الخضر بالبحار، والحسن يقول : قد هلك إلياس والخضر ولا تقول كما يقول الناس إنهما حيان ﴿ وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَـالِقِينَ ﴾ [الصافات : ١٢٥] وتتركون عبادة الله الذي هو أحسن المقدرين ﴿ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءَابَآ ـاِكُمُ الاوَّلِينَ ﴾ [الصافات : ١٢٦] بنصب الكل : عراقي غير أبي بكر وأبي عمرو على البدل من ﴿ أَحْسَنَ ﴾، وغيرهم بالرفع على الابتداء.
﴿ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ﴾ [الصافات : ١٢٧] في النار ﴿ إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الصافات : ٤٠] من قومه ﴿ يَاسِينَ ﴾ أي إلياس وقومه المؤمنين كقولهم الخبيبون يعني أبا خبيب عبد الله بن الزبير وقومه.
﴿ إِلْ يَاسِينَ ﴾ [الصافات : ١٣٠] شامي ونافع لأن ياسين اسم أبي إلياس فأضيف إليه الآل ﴿ إِنَّا كَذَالِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجَّيْنَـاهُ وَأَهْلَهُا أَجْمَعِينَ * إِلا عَجُوزًا فِى الْغَـابِرِينَ ﴾ في الباقين ﴿ ثُمَّ دَمَّرْنَا ﴾ [الشعراء : ١٧٢] أهلكنا ﴿ الاخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ ﴾ يا أهل مكة ﴿ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ ﴾ [الصافات : ١٣٧] داخلين في الصباح ﴿ وَبِالَّيْلِ ﴾ والوقف عليه مطلق ﴿ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة : ٤٤] يعني تمرون على منازلهم في متاجركم إلى الشأم ليلاً ونهاراً فما فيكم عقول تعتبرون بها.
وإنما لم يختم قصة لوط ويونس بالسلام كما ختم قصة من قبلهما، لأن الله تعالى قد سلم على جميع المرسلين في آخر السورة فاكتفي بذلك عن ذكر كل واحد منفرداً بالسلام.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١
﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ ﴾ الإباق : الهرب إلى حيث لا
٤٥
يهتدي إليه الطلب، فسمى هربه من قومه بغير إذن ربه إباقاً مجازاً ﴿ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾ [الصافات : ١٤٠] المملوء.
وكان يونس عليه السلام وعد قومه العذاب، فلما تأخر العذاب عنهم خرج كالمستور منهم فقصد البحر وركب السفينة فوقفت فقالوا : ههنا عبد آبق من سيده.
وفيما يزعم البحارون أن السفينة إذا كان فيها آبق لم تجر فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس فقال : أنا الآبق، وزج بنفسه في الماء فذلك قوله ﴿ فَسَاهَمَ ﴾ فقارعهم مرة أو ثلاثاً بالسهام.
والمساهمة : إلقاء السهام على جهة القرعة ﴿ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴾ [الصافات : ١٤١] المغلوبين بالقرعة ﴿ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ ﴾ [الصافات : ١٤٢] فابتلعه ﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ [الصافات : ١٤٢] داخل في الملامة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥
﴿ فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴾ [الصافات : ١٤٣] من الذاكرين الله كثيراً بالتسبيح.
أو من القائلين ﴿ لا إِلَـاهَ إِلا أَنتَ سُبْحَـانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّـالِمِينَ ﴾ أو من المصلين قبل ذلك.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : كل تسبيح في القرآن فهو صلاة.
ويقال : إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر ﴿ لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات : ١٤٤] الظاهر لبثه حياً إلى يوم البعث.
وعن قتادة : لكان بطن الحوت له قبراً إلى يوم القيامة.
وقد لبث في بطنه ثلاثة أيام أو سبعة أو أربعين يوماً.
وعن الشعبي : التقمه ضحوة ولفظه عشية ﴿ فَنَبَذْنَـاهُ بِالْعَرَآءِ ﴾ [الصافات : ١٤٥] فألقيناه بالمكان الخالي الذي لا شجر فيه ولا نبات ﴿ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ [الصافات : ١٤٥] عليل مما ناله من التقام الحوت.
وروي أنه عاد بدنه كبدن الصبي حين يولد ﴿ وَأَنابَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً ﴾ [الصافات : ١٤٦] أي أنبتناها فوقه مظلة له كما يطنّب البيت على
٤٦


الصفحة التالية
Icon