في السابقة.
و " ما " في ﴿ مَآ أَنتُمْ ﴾ [يس : ١٥] نافية و " من " في موضع النصب بـ وقرأ الحسن ﴿ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات : ١٦٣] بضم اللام، ووجهه أن يكون جمعاً فحذفت النون للإضافة وحذفت الواو لالتفاء الساكنين هي واللام في الجحيم ومن موحد اللفظ مجموع المعنى فحمل هو على لفظه والصالون على معناه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥
﴿ وَمَا مِنَّآ ﴾ [الصافات : ١٦٤] أحد ﴿ إِلا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ [الصافات : ١٦٤] في العبادة لا يتجاوزه فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ ﴾ [الصافات : ١٦٥] نصف أقدامنا في الصلاة أو نصف حول العرش داعين للمؤمنين ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ﴾ [الصافات : ١٦٦] المنزهون أو المصلون.
والوجه أن يكون هذا وما قبله من قوله ﴿ سُبْحَـانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون : ٩١] من كلام الملائكة حتى يتصل بذكرهم في قوله ﴿ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ ﴾ [الصافات : ١٥٨] كأنه قيل : ولقد علم الملائكة وشهدوا أن المشركين مفترون عليهم في مناسبة رب العزة وقالوا سبحان الله، فنزهوه عن ذلك واستثنوا عباد الله المخلصين وبرؤوهم منه وقالوا للكفرة : فإذا صح ذلك فإنكم وآلهتكم لا تقدرون أن تفتنوا على الله أحداً من خلقه وتضلوه إلا من كان من أهل النار، وكيف نكون مناسبين لرب العزة وما نحن إلا عبيد أذلاء بين يديه لكل منا مقام معلوم من الطاعة لا يستطيع أن يزل عنه ظفراً خشوعاً لعظمته، ونحن الصافون أقدامنا لعبادته مسبحين ممجدين كما يجب على العباد لربهم؟ وقيل : هو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعني وما من المسلمين أحد إلا له مقام معلوم يوم القيامة على قدر عمله من قوله تعالى :﴿ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴾ [الإسراء : ٧٩] (الإسراء : ٩٧) ثم ذكر أعمالهم وأنهم الذين يصطفون في الصلاة ويسبحون الله وينزهونه عما لا يجوز عليه.
﴿ وَإِن كَانُوا لَيَقُولُونَ ﴾ [الصافات : ١٦٧] أي مشركو قريش قبل مبعثه عليه السلام ﴿ لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنَ الاوَّلِينَ ﴾ [الصافات : ١٦٨] أي كتاباً من كتب الأولين الذين نزل عليهم التوراة والإنجيل
٤٩
﴿ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الصافات : ١٦٩] لأخلصنا العبادة لله ولما كذبنا كما كذبوا ولما خالفنا كما خالفوا، فجاءهم الذكر الذي هو سيد الأذكار والكتاب الذي هو معجز من بين الكتب ﴿ فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الصافات : ١٧٠] مغبة تكذيبهم وما يحل بهم من الانتقام.
و " إن " مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة وفي ذلك أنهم كانوا يقولونه مؤكدين للقول جادين فيه فكم بين أول أمرهم وآخره ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الصافات : ١٧١] الكلمة قوله ﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَـالِبُونَ ﴾ وإنما سماها كلمة وهي كلمات لأنها لما انتظمت في معنى واحد كانت في حكم كلمة مفردة، والمراد الموعد بعلوهم على عدوهم في مقام الحجاج وملاحم القتال في الدنيا وعلوهم عليهم في الآخرة.
وعن الحسن : ما غلب نبي في حرب.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إن لم ينصروا في الدنيا نصروا في العقبى.
والحاصل أن قاعدة أمرهم وأساسه والغالب منه الظفر والنصرة وإن وقع في تضاعيف ذلك شوب من الابتلاء والمحنة والعبرة للغالب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥
﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ﴾ [الصافات : ١٧٤] فأعرض عنهم ﴿ حَتَّى حِينٍ ﴾ [يوسف : ٣٥] إلى مدة يسيرة وهي المدة التي أمهلوا فيها أو إلى يوم بدر أو إلى فتح مكة ﴿ وَأَبْصِرْهُمْ ﴾ أي أبصر ما ينالهم يومئذ ﴿ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾ [الصافات : ١٧٥] ذلك وهو للوعيد لا للتبعيد، أو انظر إليهم إذا عذبوا فسوف يبصرون ما أنكروا، أو أعلمهم فسوف يعلمون.
﴿ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴾ [الشعراء : ٢٠٤] قبل حينه ﴿ فَإِذَا نَزَلَ ﴾ [الصافات : ١٧٧] العذاب ﴿ بِسَاحَتِهِمْ ﴾ بفنائهم ﴿ فَسَآءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ ﴾ [الصافات : ١٧٧] صباحهم.
واللام في ﴿ الْمُنذَرِينَ ﴾ مبهم في جنس من أنذروا، لأن " ساء " و " بئس " يقتضيان ذلك.
وقيل : هو نزول رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم الفتح بمكة.
مثّل العذاب النازل بهم بعدما أنذروه فأنكروه بجيش
٥٠