سورة القدر
مكية وقيل مدنية وهي خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر : ١] عظم القرآن حيث أسند إنزاله إليه دون غيره.وجاء بضميره دون اسمه الظاهر للاستغناء عن التنبيه عليه ورفع مقدار الوقت الذي أنزله فيه.
روي أنه أنزل جملة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم كان ينزله جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ثلاث وعشرين سنة.
ومعنى ليلة القدر ليلة تقدير الأمور وقضائها.
والقدر بمعنى التقدير، أو سميت بذلك لشرفها على سائر الليالي وهي ليلة السابع والعشرين من رمضان، كذا روى أبو حنيفة رحمه الله عن عاصم عن زرّ أن أبيّ بن كعب كان يحلف على ليلة القدر أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان وعليه الجمهور.
ولعل الداعي إلى إخفائها أن يحيى من يريدها الليالي الكثيرة طلباً لموافقتها، وهذا كإخفاء الصلاة الوسطى، واسمه الأعظم، وساعة الإجابة في الجمعة، ورضاه في الطاعات، وغضبه في المعاصي.
وفي الحديث :" من أدركها يقول اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عني " (١)
٥٤٣
﴿ وَمَآ أَدْرَاـاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾ [القدر : ٢] أي لم تبلغ درايتك غاية فضلها.
ثم بين له ذلك بقوله ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر : ٣] ليس فيها ليلة القدر.
وسبب ارتفاع فضلها إلى هذه الغاية ما يوجد فيها من تنزل الملائكة والروح وفصل كل أمر حكيم.
وذكر في تخصيص هذه المدة أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المؤمنون من ذلك وتقاصرت إليهم أعمالهم فأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَـائكَةُ ﴾ [القدر : ٤] إلى السماء الدنيا أو إلى الأرض ﴿ وَالرُّوحُ ﴾ جبريل أو خلق من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة أو الرحمة ﴿ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر : ٤] أي تنزل من أجل كل أمر قضاه الله لتلك السنة إلى قابل وعليه وقف ﴿ سَلَـامٌ هِىَ ﴾ [القدر : ٥] ما هي إلا سلامة خبر ومبتدأ أي لا يقدّر الله فيها إلا السلامة والخير ويقضي في غيرها بلاء وسلامة، أو ما هي إلا سلام لكثرة ما يسلمون على المؤمنين.
قيل : لا يلقون مؤمناً ولا مؤمنة إلا سلموا عليه في تلك الليلة ﴿ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر : ٥] أي إلى وقت طلوع الفجر.
بكسر اللام : علي وخلف، وقد حرم من السلام الذين كفروا والله أعلم.
٥٤٤
سورة البينة
مختلف فيها وهي ثمان آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [البينة : ١] بمحمد صلى الله عليه وسلّم ﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَـابِ ﴾ [آل عمران : ٧٢] أي اليهود والنصارى وأهل الرجل أخص الناس به وأهل الإسلام من يدين به ﴿ وَالْمُشْرِكِينَ ﴾ عبدة الأصنام ﴿ مُنفَكِّينَ ﴾ منفصلين عن الكفر وحذف لأن صلة " الذين " تدل عليه ﴿ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ [البينة : ١] الحجة الواضحة والمراد محمد صلى الله عليه وسلّم يقول : لم يتركوا كفرهم حتى يبعث محمد صلى الله عليه وسلّم، فلما بعث أسلم بعض وثبت على الكفر بعض ﴿ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ ﴾ [البينة : ٢] أي محمد عليه السلام وهو بدل من ﴿ الْبَيِّنَةُ ﴾ ﴿ يَتْلُوا ﴾ يقرأ عليهم ﴿ صُحُفًا ﴾ قراطيس ﴿ مُّطَهَّرَةً ﴾ من الباطل ﴿ فِيهَآ ﴾ في الصحف ﴿ كُتُبٌ ﴾ مكتوبات ﴿ قَيِّمَةٌ ﴾ مستقيمة ناطقة بالحق والعدل ﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ إِلا مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ [البينة : ٤] فمنهم من أنكر نبوته بغياً وحسداً، ومنهم من آمن.وإنما أفرد أهل الكتاب بعدما جمع أولاً بينهم وبين المشركين، لأنهم كانوا على علم به لوجوده في كتبهم، فإذا وصفوا بالتفرق عنه كان من لا كتاب له أدخل في هذا الوصف.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٤٥
﴿ وَمَآ أُمِرُوا ﴾ [البينة : ٥] يعني في التوراة والإنجيل
٥٤٥