﴿ إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة : ٥] من غير شرك ولا نفاق ﴿ حُنَفَآءَ ﴾ مؤمنين بجميع الرسل مائلين عن الأديان الباطلة ﴿ وَيُقِيمُوا الصَّلَواةَ وَيُؤْتُوا الزكاة وَذَالِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة : ٥] أي دين الملة القيمة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَـابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَـالِدِينَ فِيهَآ أَوالَـائكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ أؤلئك هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ ونافع يهمزهما والقراء على التخفيف، والنبي والبرية مما استمر الاستعمال على تخفيفه ورفض الأصل ﴿ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّـاتُ عَدْنٍ ﴾ [البينة : ٨] إقامة ﴿ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الانْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ ﴾ [المائدة : ١١٩] بقبول أعمالهم ﴿ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [المجادلة : ٢٢] بثوابها ﴿ ذَالِكَ ﴾ أي الرضا ﴿ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ ﴾ [البينة : ٨] وقوله ﴿ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة : ٧] يدل على فضل المؤمنين من البشر على الملائكة، لأن البرية الخلق، واشتقاقها من برأ الله الخلق.
وقيل : اشتقاقها من البرى وهو التراب، ولو كان كذلك لما قرءوا بالهمز كذا قاله الزجاج
٥٤٦
سورة الزلزلة
مختلف فيها وهي ثمان آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ رَبَّهُ * إِذَا زُلْزِلَتِ الارْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة : ١] أي إذا حركت زلزالها الشديد الذي ليس بعده زلزال.
وقرىء بفتح الزاء فالمكسور مصدر والمفتوح اسم ﴿ وَأَخْرَجَتِ الارْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ [الزلزلة : ٢] أي كنوزها وموتاها جمع ثقل وهو متاع البيت، جعل ما في جوفها من الدفائن أثقالاً لها ﴿ وَقَالَ الانسَـانُ ﴾ زلزلت هذه الزلزلة الشديدة ولفظت ما في بطنها، وذلك عند النفخة الثانية حين تزلزل وتلفظ موتاها أحياء فيقولون ذلك لما يبهرهم من الأمر الفظيع كما يقولون ﴿ يَـاوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ﴾ [يس : ٥٢] (يس : ٢٥) وقيل : هذا قول الكافر لأنه كان لا يؤمن بالبعث، فأما المؤمن فيقول ﴿ هَـاذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَـانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [يس : ٥٢] (يس : ٢٥) ﴿ يَوْمَـاـاِذٍ ﴾ بدل من " إذا " وناصبها ﴿ تُحَدِّثُ ﴾ أي تحدث الخلق ﴿ أَخْبَارَهَا ﴾ فحذف أول المفعولين لأن المقصود ذكر تحديثها الإخبار لا ذكر الخلق.
قيل : ينطقها الله وتخبر بما عمل عليها من خير وشر.
وفي الحديث :" تشهد على كل واحد بما عمل على ظهرها " ﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة : ٥] أي تحدث أخبارها بسبب
٥٤٧
إيحاء ربك لها أي إليها وأمره إياها بالتحديث ﴿ يَوْمَـاـاِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ﴾ [الزلزلة : ٦] يصدرون عن مخارجهم من القبور إلى الموقف ﴿ أَشْتَاتًا ﴾ بيض الوجوه آمنين وسود الوجوه فزعين، أو يصدرون عن الموقف أشتاتاً يتفرق بهم طريقا الجنة والنار ﴿ لِّيُرَوْا أَعْمَـالَهُمْ ﴾ [الزلزلة : ٦] أي جزاء أعمالهم ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ [الزلزلة : ٧] نملة صغيرة ﴿ خَيْرًا ﴾ تمييز ﴿ يَرَهُ ﴾ أي ير جزاءه ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة : ٨] قيل : هذا في الكفار والأول في المؤمنين.
ويروى أن أعرابياً أخر خيراً يره فقيل له : قدمت وأخرت فقال :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٤٧
خذا بطن هرشي أو قفاها فإنه
كلا جانبي هرشي لهن طريق
وروي أن جد الفرزدق أتاه عليه السلام ليستقرئه فقرأ عليه هذه الآية فقال : حسبي حسبي، وهي أحكم آية وسميت الجامعة والله أعلم.
٥٤٨


الصفحة التالية
Icon