﴿ جُندٌ ﴾ مبتدأ ﴿ مَآ ﴾ صلة مقوية للنكرة المبتدأة ﴿ هُنَالِكَ ﴾ إشارة إلى بدر ومصارعهم، أو إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله لست ﴿ هُنَالِكَ ﴾ خبر المبتدأ ﴿ مَهْزُومٌ ﴾ مكسور ﴿ مِّنَ الاحَزَابِ ﴾ [ص : ١١] متعلق بـ ﴿ جُندٌ ﴾ أو بـ ﴿ مَهْزُومٌ ﴾ يريد ما هم إلا جند من الكفار المتحزبين على رسول الله مهزوم عما قريب، فلا تبال بما يقولون ولا تكترث لما به يهذون.
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ﴾ [القمر : ٩] قبل أهل مكة ﴿ قَوْمُ نُوحٍ ﴾ [هود : ٨٩] نوحاً ﴿ وَعَادٌ ﴾ هوداً ﴿ وَفِرْعَوْنُ ﴾ موسى ﴿ ذُو الاوْتَادِ ﴾ [ص : ١٢] قيل : كانت له أوتاد وجبال يلعب بها بين يديه.
وقيل : يوتد من يعذب بأربعة أوتاد في يديه ورجليه ﴿ وَثَمُودُ ﴾ وهم قوم صالح صالحاً ﴿ وَقَوْمُ لُوطٍ ﴾ [الحج : ٤٣] لوطاً ﴿ وَأَصْحَـابُ لْـاَيْكَةِ ﴾ [ص : ١٣] الغيضة شعيباً ﴿ أؤلئك الاحْزَابُ ﴾ [ص : ١٣] أراد بهذه الإشارة الإعلام بأن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم وأنهم الذين وجد منهم التكذيب ﴿ إِن كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرٌّسُلَ ﴾ [ص : ١٤] ذكر تكذيبهم أولاً في الجملة الخبرية على وجه الإبهام حيث لم يبين المكذب، ثم جاء بالجملة الاستثنائية فأوضحه فيها وبيّن المكذّب وهم الرسل، وذكر أن كل واحد من الأحزاب كذب جميع الرسل لأن في تكذيب الواحد منهم تكذيب الجميع لاتحاد دعوتهم.
وفي تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولاً وبالاستثنائية ثانياً وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد، أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العقاب وأبلغه، ثم قال ﴿ فَحَقَّ عِقَابِ ﴾ [ص : ١٤] أي فوجب لذلك أن أعاقبهم حق عقابهم.
﴿ عَذَابِى ﴾ و في الحالين : يعقوب.
﴿ عِقَابِ * وَمَا يَنظُرُ هؤلاء ﴾ [
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٢
ص : ١٥] وما ينتظر أهل مكة، ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأحزاب ﴿ إِلا صَيْحَةً واحِدَةً ﴾ [يس : ٤٩] أي النفخة
٥٥
الأولى وهي الفزع الأكبر ﴿ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ ﴾ [ص : ١٥] وبالضم : حمزة وعلي، أي ما لها من توقف مقدار فواق وهو ما بين حلبتي الحالب أي إذا جاء وقتها لم تستأخر هذا القدر من الزمان.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ما لها من رجوع وترداد، من أفاق المريض إذا رجع إلى الصحة وفواق الناقة ساعة يرجع الدر إلى ضرعها يريد أنها نفخة واحدة فحسب لا تثنى ولا تردد ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا ﴾ [ص : ١٦] حظنا من الجنة لأنه عليه السلام ذكر وعد الله المؤمنين الجنة فقالوا على سبيل الهزء : عجل لنا نصيبنا منها أو نصيبنا من العذاب الذي وعدته كقوله :﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ﴾ [الحج : ٤٧] (الحج : ٧٤).
وأصل القط القسط من الشيء لأنه قطعة منه من قطه إذا قطعه، ويقال لصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس ﴿ قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ * اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ فيك وصن نفسك أن تزلّ فيما كلفت من مصابرتهم وتحمل أذاهم.
﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُادَ ﴾ وكرامته على الله كيف زل تلك الزلة اليسيرة فلقي من عتاب الله ما لقي ﴿ ذَا الايْدِ ﴾ [ص : ١٧] ذا القوة في الدين وما يدل على أن الأيد القوة في الدين قوله ﴿ إِنَّهُا أَوَّابٌ ﴾ [ص : ١٧] أي رجاع إلى مرضاة الله تعالى، وهو تعليل لذي الأيد.
روي أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وهو أشد الصوم ويقوم نصف الليل إنّا سخّرنا } ذللنا ﴿ الْجِبَالَ مَعَهُ ﴾ [ص : ١٨] قيل : كان تسخيرها أنها تسير معه إذا أراد سيرها إلى حيث يريد ﴿ يُسَبِّحْنَ ﴾ في معنى مسبحات على الحال.
واختار ﴿ يُسَبِّحْنَ ﴾ على " مسبحات " ليدل على حدوث التسبيح من الجبال شيئاً بعد شيء وحالاً بعد حال ﴿ بِالْعَشِىِّ وَالاشْرَاقِ ﴾ [ص : ١٨] أي طرفي النهار، والعشي وقت العصر إلى الليل، والإشراق وقت الإشراق وهو حين تشرق الشمس أي تضيء وهو وقت الضحى، وأما شروقها فطلوعها تقول : شرقت الشمس ولمّا تشرق.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ما عرفت صلاة الضحى إلا بهذه الآية ﴿ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ﴾ [ص : ١٩] وسخرنا الطير مجموعة من كل ناحية.
وعن ابن عباس
٥٦


الصفحة التالية
Icon