﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُادَ سُلَيْمَـانَ نِعْمَ الْعَبْدُ ﴾ أي سليمان.
وقيل : داود، وليس بالوجه فالمخصوص بالمدح محذوف ﴿ إِنَّهُا أَوَّابٌ ﴾ [ص : ١٧] وعلل كونه ممدوحاً بكونه أواباً أي كثير الرجوع إلى الله تعالى ﴿ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ ﴾ [ص : ٣١] على سليمان ﴿ بِالْعَشِىِّ ﴾ بعد الظهر الخيول القائمة على ثلاث قوائم وقد أقامت الأخرى على طرف حافر ﴿ الْجِيَادُ ﴾ السراع جمع جواد لأنه يجود بالركض، وصفها بالصفون لأنه لا يكون في الهجان وإنما هو العراب.
وقيل : وصفها بالصفون والجودة ليجمع لها بين الوصفين المحمودين واقفة وجارية، يعني إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعاً خفافاً في جريها.
وقيل : الجياد الطوال الأعناق من الجيد.
وروي أن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين فأصاب ألف فرس.
وقيل : ورثها من أبيه وأصابها أبوه من العمالقة.
وقيل : خرجت من البحر لها أجنحة فقعد يوماً بعدما صلى الظهر على كرسيه واستعرضها فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر وكانت فرضاً عليه، فاغتم لما فاته فاستردها وعقرها تقرباً لله وبقي مائة، فما في أيدي الناس من الجياد، فمن نسلها.
وقيل : لما عقرها أبدله الله خيراً منها وهي الريح تجري بأمره.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٦١
﴿ فَقَالَ إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّى ﴾ [ص : ٣٢] أي آثرت حب الخيل عن ذكر ربي كذا عن الزجاج.
فأحببت بمعنى آثرت كقوله تعالى ﴿ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ﴾ [فصلت : ١٧] (فصلت : ٧١) و " عن " بمعنى " على "، وسمى الخيل خيراً كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها كما قال عليه السلام " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة " وقال أبو علي : أحببت بمعنى جلست من إحباب البعير وهو بروكه.
حب الخير أي المال مفعول له
٦٢
مضاف إلى المفعول ﴿ حَتَّى تَوَارَتْ ﴾ [ص : ٣٢] الشمس ﴿ بِالْحِجَابِ ﴾ والذي دل على أن الضمير للشمس مررو ذكر العشي ولا بد للضمير من جري ذكر أو دليل ذكر، أو الضمير للصافنات أي حتى توارت بحجاب الليل يعني الظلام ﴿ رُدُّوهَا عَلَىَّ ﴾ [ص : ٣٣] أي قال للملائكة : ردوا الشمس علي لأصلي العصر فردت الشمس له وصلى العصر، أو ردوا الصافنات ﴿ فَطَفِقَ مَسْحَا بِالسُّوقِ وَالاعْنَاقِ ﴾ [ص : ٣٣] فجعل يمسح مسحاً أي يمسح السيف بسوقها وهي جمع ساق كدار ودور وأعناقها، يعني يقطعها لأنها منعته عن الصلاة.
تقول : مسح علاوته إذا ضرب عنقه، ومسح المسفر الكتاب إذا قطع أطرافه بسيفه.
وقيل : إنما فعل ذلك كفارة لها أو شكراً لرد الشمس، وكانت الخيل مأكولة في شريعته فلم يكن إتلافاً.
وقيل : مسحها بيده استحساناً لها وإعجاباً بها.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٦١
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَـانَ ﴾ [ص : ٣٤] ابتليناه.
﴿ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ ﴾ [ص : ٣٤] سرير ملكه ﴿ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴾ [ص : ٣٤] رجع إلى الله.
قيل : فتن سليمان بعد ما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة، وكان من فتنته أنه ولد له ابن فقالت الشياطين : إن عاش لم ننفك من السخرة فسبيلنا أن نقتله أو نخبله، فعلم ذلك سليمان عليه السلام فكان يغذوه في السحابة خوفاً من مضرة الشياطين، فألفى ولده ميتاً على كرسيه فتنبه على زلته في أن لم يتوكل فيه على ربه.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلّم " قال سليمان : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة منهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل فجيء به على كرسيه فوضع في حجره، فوالذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون " وأما ما يروى من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن في بيت سليمان عليه السلام فمن أباطيل اليهود.
﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا ﴾ [ص : ٣٥] قدم الاستغفار على استيهاب الملك جرياً على عادة الأنبياء عليهم السلام والصالحين في تقديم الاستغفار على السؤال ﴿ لا يَنابَغِى ﴾ [ص : ٣٥] لا يتسهل ولا يكون ﴿ لاحَدٍ مِّن بَعْدِى ﴾ [ص : ٣٥] أي دوني.
وبفتح الياء : مدني وأبو عمرو، وإنما
٦٣


الصفحة التالية
Icon