﴿ وَاذْكُرْ إِسْمَـاعِيلَ وَالْيَسَعَ ﴾ [ص : ٤٨] كأن حرف التعريف دخل على " يسع " ﴿ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ ﴾ [ص : ٤٨] التنوين عوض عن المضاف إليه أي وكلهم ﴿ وَاذْكُرْ إِسْمَـاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الاخْيَارِ * هَـاذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَـاَابٍ ﴾ أي هذا شرف وذكر جميل يذكرون به أبداً، وإن لهم مع ذلك لحسن مرجع يعني يذكرون في الدنيا بالجميل ويرجعون في الآخرة إلى مغفرة رب جليل.
ثم بين كيفية حسن ذلك المرجع فقال ﴿ جَنَّـاتِ عَدْنٍ ﴾ [مريم : ٦١] بدل من ﴿ لَحُسْنَ مَـاَابٍ ﴾ ﴿ مُّفَتَّحَةً ﴾ حال من ﴿ جَنَّـاتِ ﴾ لأنها معرفة لإضافتها إلى ﴿ عَدْنٍ ﴾ وهو علم، والعامل فيها ما في ﴿ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ من معنى الفعل ﴿ لَّهُمُ الابْوَابُ ﴾ [ص : ٥٠] ارتفاع الأبواب بأنها فاعل ﴿ مُّفَتَّحَةً ﴾ والعائد محذوف أي مفتحة لهم الأبواب منها فحذف كما حذف في قوله ﴿ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِىَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات : ٣٩] (النازعات : ٩٣) أي لهم أو أبوابها إلا أن الأول أجود، أو هي بدل من الضمير في ﴿ مُّفَتَّحَةً ﴾ وهو ضمير الجنات تقديره
٦٧
مفتحة هي الأبواب وهو من بدل الاشتمال ﴿ مُتَّكِـاِينَ ﴾ حال من المجرور في ﴿ لَّهُمُ ﴾ والعامل ﴿ مُّفَتَّحَةً ﴾ ﴿ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَـاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ﴾ [ص : ٥١] أي وشراب كثير فحذف اكتفاء بالأول ﴿ وَعِندَهُمْ قَـاصِرَاتُ الطَّرْفِ ﴾ [ص : ٥٢] أي قصرن طرفهن على أزواجهن ﴿ أَتْرَابٌ ﴾ لدات أسنانهن كأسنانهم لأن التحاب بين الأقران أثبت كأن اللدات سمين أتراباً لأن التراب مسهن في وقت واحد.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٦٦
﴿ هَـاذَا مَا تُوعَدُونَ ﴾ [ق : ٣٢] وبالياء : مكي وأبو عمر ﴿ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ [ص : ٥٣] أي ليوم تجزى كل نفس بما عملت ﴿ إِنَّ هَـاذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ ﴾ [ص : ٥٤] من انقطاع والجملة حال من الرزق والعامل الإشارة.
﴿ هَـاذَآ ﴾ خبر والمبتدأ محذوف أي الأمر هذا أو هذا كما ذكر ﴿ هَـاذَا وَإِنَّ لِلطَّـاغِينَ لَشَرَّ ﴾ [ص : ٥٥] مرجع ﴿ جَهَنَّمَ ﴾ بدل منه ﴿ يَصْلَوْنَهَا ﴾ يدخلونها ﴿ فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [ص : ٥٦] شبه ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفترشه النائم ﴿ هَـاذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ [ص : ٥٧] أي هذا حميم وغساق فليذوقوه، فـ ﴿ هَـاذَآ ﴾ مبتدأ و ﴿ حَمِيمٌ ﴾ خبر ﴿ وَغَسَّاقٌ ﴾ بالتشديد : حمزة وعلي وحفص.
والغساق بالتشديد والتخفيف ما يغسق من صديد أهل النار، يقال : غسقت العين إذا سال دمعها.
وقيل : الحميم يحرق بحره والغساق يحرق ببرده ﴿ وَءَاخَرُ ﴾ أي وعذاب آخر أو مذوق آخر ﴿ مِن شَكْلِهِ ﴾ [ص : ٥٨] من مثل
٦٨
العذاب المذكور.
﴿ وَءَاخَرُ ﴾ بصري أي ومذوقات أخر من شكل هذا المذوق في الشدة والفظاعة ﴿ أَزْوَاجٌ ﴾ صفة لـ ﴿ ءَاخَرَ ﴾ لأنه يجوز أن يكون ضروباً ﴿ هَـاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ﴾ [ص : ٥٩] هذا جمع كثيف قد اقتحم معكم النار أي دخل النار في صحبتكم.
والاقتحام : الدخول في الشيء بشدة، والقحمة : الشدة، وهذه حكاية كلام الطاغين بعضهم مع بعض أي يقولون هذا والمراد بالفوج اتباعهم الذين اقتحموا معهم الضلالة فيقتحمون معهم العذاب ﴿ لا مَرْحَبَا بِهِمْ ﴾ [ص : ٥٩] دعاء منهم على أتباعهم تقول لن تدعو له مرحباً أي أتيت رحباً من البلاد لا ضيقاً أو رحبت بلادك رحباً ثم تدخل عليه " لا " في دعاء السوء، وبهم بيان للمدعو عليهم ﴿ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ ﴾ [ص : ٥٩] أي داخلوها وهو تعليل لاستيجابهم الدعاء عليهم.
وقيل :﴿ هَـاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ ﴾ [ص : ٥٩] كلام الخزنة لرؤساء الكفرة في أتباعهم، و ﴿ لا مَرْحَبَا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ ﴾ [ص : ٥٩] كلام الرؤساء.
وقيل : هذا كله كلام الخزنة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٦٦