﴿ قَالُوا ﴾ أي الأتباع ﴿ بَلْ أَنتُمْ لا مَرْحَبَا بِكُمْ ﴾ [ص : ٦٠] أي الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحق به، وعللوا ذلك بقوله ﴿ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ﴾ [ص : ٦٠] والضمير للعذاب أو لصليهم أي انكم دعوتمونا إليه فكفرنا باتباعكم ﴿ فَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴾ [ص : ٦٠] أي النار ﴿ قَالُوا ﴾ أي الأتباع ﴿ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـاذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا ﴾ [ص : ٦١] أي مضاعفاً ﴿ فِى النَّارِ ﴾ [ص : ٦١] ومعناه ذا ضعف.
ونحوه قوله ﴿ رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَـاَاتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا ﴾ [الأعراف : ٣٨] وهو أن يزيد على عذابه مثله ﴿ وَقَالُوا ﴾ الضمير لرؤساء الكفرة ﴿ مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا ﴾ [ص : ٦٢] يعنون فقراء المسلمين ﴿ كُنَّا نَعُدُّهُم ﴾ [ص : ٦٢] في الدنيا ﴿ مِّنَ الاشْرَارِ ﴾ [ص : ٦٢] من الأرذال الذين لا خير فيهم ولا جدوى ﴿ أَتَّخَذْنَـاهُمْ سِخْرِيًّا ﴾ [ص : ٦٣] بلفظ الإخبار : عراقي غير عاصم على أنه صفة لـ
٦٩
﴿ رِجَالا ﴾ مثل ﴿ كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الاشْرَارِ ﴾ [ص : ٦٢] وبهمزة الاستفهام : غيرهم على أنه إنكار على أنفسهم في الاستسخار منهم، ﴿ سِخْرِيًّا ﴾ مدني وحمزة وعلي وخلف والمفضل ﴿ أَمْ زَاغَتْ ﴾ [ص : ٦٣] مالت ﴿ عَنْهُمُ الابْصَـارُ ﴾ [ص : ٦٣] هو متصل بقوله ﴿ مَا لَنَا ﴾ [هود : ٧٩] أي ما لنا لا نراهم في النار كأنهم ليسوا فيها بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها، قسموا أمرهم بين أن يكونوا من أهل الجنة وبين أن يكونوا من أهل النار إلا أنه خفي عليهم مكانهم ﴿ إِنَّ ذَالِكَ ﴾ [الحج : ٧٠] الذي حكينا عنهم ﴿ لَحَقٌّ ﴾ لصدق كائن لا محالة لا بد أن يتكلموا به.
ثم بين ما هو فقال : هو ﴿ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴾ [ص : ٦٤] ولما شبه تقاولهم وما يجري بينهم من السؤال والجواب بما يجري بين المتخاصمين سماه تخاصماً، ولأن قول الرؤساء ﴿ لا مَرْحَبَا بِهِمْ ﴾ [ص : ٥٩] وقول أتباعهم :﴿ بَلْ أَنتُمْ لا مَرْحَبَا بِكُمْ ﴾ [ص : ٦٠] من باب الخصومة فسمى التقاول كله تخاصماً لاشتماله على ذلك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٦٦
﴿ قُلْ ﴾ يا محمد لمشركي مكة ﴿ إِنَّمَآ أَنَا مُنذِرٌ ﴾ [ص : ٦٥] ما أنا إلا رسول منذر أنذركم عذاب الله تعالى
٧٠
﴿ وَمَا مِنْ إِلَـاهٍ إِلا اللَّهُ ﴾ [آل عمران : ٦٢] وأقول لكم إن دين الحق توحيد الله وأن تعتقدوا أن لا إله إلا الله ﴿ الْوَاحِدُ ﴾ بلا ند ولا شريك ﴿ الْقَهَّارُ ﴾ لكل شيء ﴿ رَبُّ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ [مريم : ٦٥] له الملك والربوبية في العالم كله ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ الذي لا يغلب إذا عاقب ﴿ الْغَفَّـارُ ﴾ لذنوب من التجأ إليه ﴿ قُلْ هُوَ ﴾ [البقرة : ٢٢٢] أي هذا الذي أنبأتكم به من كوني رسولاً منذراً وأن الله واحد لا شريك له ﴿ نَبَؤٌا عَظِيمٌ ﴾ لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة.
ثم ﴿ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴾ [ص : ٦٨] غافلون ﴿ مَا كَانَ لِىَ ﴾ [ص : ٦٩] حفص ﴿ مِنْ عِلْم بِالْمَلا الاعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [ص : ٦٩] احتج لصحة نبوته بأن ما ينبىء به عن الملإ الأعلى واختصامهم أمر ما كان له به من علم قط، ثم علمه ولم يسلك الطريق الذي يسلكه الناس في علم ما لم يعلموا وهو الأخذ من أهل العلم وقراءة الكتب، فعلم أن ذلك لم يحصل له إلا بالوحي من الله تعالى.
﴿ إِن يُوحَى إِلَىَّ إِلا أَنَّمَآ أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ [ص : ٧٠] أي لأنما أنا نذير مبين ومعناه ما يوحى إلي إلا للإنذار فحذف اللام وانتصب بإفضاء الفعل إليه، ويجوز أن يرتفع على معنى ما يوحى إلي إلا هذا وهو أن أنذر وأبلغ ولا أفرط في ذلك أي ما أومر إلا بهذا الأمر وحده وليس لي غير ذلك.
وبكسر ﴿ إِنَّمَآ ﴾ يزيد على الحكاية أي إلا هذا القول وهو أن أقول لكم إنما أنا نذير مبين ولا أدعي شيئاً آخر.
وقيل : النبأ العظيم قصص آدم والإنباء به من غير سماع من أحد.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : القرآن.
وعن الحسن : يوم القيامة.
والمراد بالملإ الأعلى أصحاب القصة : الملائكة وآدم وإبليس، لأنهم كانوا في السماء وكان التقاول بينهم و ﴿ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [آل عمران : ٤٤] متعلق بمحذوف إذ المعنى ما كان لي من علم بكلام الملإ الأعلى وقت اختصامهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٦٦


الصفحة التالية
Icon