البقرة : ٢٨] (البقرة : ٨٢).
وقيل : الموتة الأولى في الدنيا، والثانية في
١٠٦
القبر بعد الإحياء للسؤال، والإحياء الأول إحياؤه في القبر بعد موته للسؤال، والثاني للبعث ﴿ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا ﴾ [غافر : ١١] لما رأوا الإماتة والإحياء قد تكررا عليهم علموا أن الله قادر على الإعادة كما هو قادر على الإنشاء، فاعترفوا بذنوبهم التي اقترفوها من إنكار البعث وما تبعه من معاصيهم ﴿ فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ ﴾ [غافر : ١١] من النار.
أي إلى نوع من الخروج سريع أو بطيء لنتخلص ﴿ مِّن سَبِيلٍ ﴾ [غافر : ١١] قط أم اليأس واقع دون ذلك فلا خروج ولا سبيل إليه، وهذا كلام من غلب عليه اليأس وإنما يقولون ذلك تحيراً، ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك وهو قوله ﴿ ذَالِكُم بِأَنَّهُا إِذَا دُعِىَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ﴾ [غافر : ١٢] أي ذلكم الذي أنتم فيه وأن لا سبيل لكم إلى خروج قط بسبب كفركم بتوحيد الله وإيمانكم بالإشراك به ﴿ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ ﴾ [غافر : ١٢] حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد ﴿ الْعَلِىِّ ﴾ شأنه، فلا يرد قضاؤه ﴿ الْكَبِيرِ ﴾ العظيم سلطانه، فلا يحد جزاؤه، وقيل : كأن الحرورية أخذوا قولهم : لا حكم إلا لله من هذا.
وقال قتادة : لما خرج أهل حروراء قال علي رضي الله عنه : من هؤلاء؟ قيل : المحكمون.
أي يقولون : لا حكم إلا لله، فقال علي رضي الله عنه : كلمة حق أريد بها باطل.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٠٦
﴿ هُوَ الَّذِى يُرِيكُمْ ءَايَـاتِهِ ﴾ [غافر : ١٣] من الريح والسحاب والرعد والبرق والصواعق ونحوها ﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَآءِ ﴾ [غافر : ١٣] وبالتخفيف : مكي وبصري ﴿ رِزْقًا ﴾ مطراً ؛ لأنه سبب الرزق ﴿ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلا مَن يُنِيبُ ﴾ [غافر : ١٣] وما يتعظ وما يعتبر بآيات الله إلا من يتوب من الشرك ويرجع إلى الله، فإن المعاند لا يتذكر ولا يتعظ، ثم قال للمنيبين :﴿ فَادْعُوا اللَّهَ ﴾ [غافر : ١٤] فاعبدوه ﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [غافر : ٦٥] من الشرك ﴿ وَلَوْ كَرِهَ الْكَـافِرُونَ ﴾ [التوبة : ٣٢] وإن غاظ ذلك أعداءكم ممن ليس على دينكم ﴿ رَفِيعُ الدَّرَجَـاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِى الرُّوحَ ﴾ [غافر : ١٥] ثلاثة أخبار لقوله هو مرتبة على
١٠٧
قوله :﴿ الَّذِى يُرِيكُمْ ﴾ [غافر : ١٣].
أو أخبار مبتدأ محذوف، ومعنى رفيع الدرجات رافع السماوات بعضها فوق بعض، أو رافع درجات عباده في الدنيا بالمنزلة، أو رافع منازلهم في الجنة.
وذ العرش مالك عرشه الذي فوق السماوات خلقه مطافاً للملائكة إظهاراً لعظمته مع استغنائه في مملكته، والروح جبريل عليه السلام، أو الوحي الذي تحيا به القلوب ﴿ مِنْ أَمْرِهِ ﴾ [النحل : ٢] من أجل أمره أو بأمره ﴿ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ ﴾ [غافر : ١٥] أي الله أو الملقى عليه وهو النبي عليه السلام ويدل عليه قراءة يعقوب ﴿ لِّتُنذِرَ ﴾ ﴿ يَوْمَ التَّلاقِ ﴾ [غافر : ١٥] يوم القيامة لأنه يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض والأولون والآخرون.
: مكي ويعقوب ﴿ التَّلاقِ * يَوْمَ هُم بَـارِزُونَ ﴾ [غافر : ١٦] ظاهرون لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء ﴿ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَىْءٌ ﴾ [غافر : ١٦] أي من أعمالهم وأحوالهم ﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ﴾ [غافر : ١٦] أي يقول الله تعالى ذلك حين لا أحد يجيبه، ثم يجيب نفسه بقوله ﴿ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم : ٤٨] أي الذي قهر الخلق بالموت، وينتصب ﴿ الْيَوْمَ ﴾ بمدلول ﴿ لِّمَنِ ﴾ أي لمن ثبت الملك في هذا اليوم، وقيل : ينادي منادٍ فيقول : لمن الملك اليوم فيجيبه أهل المحشر : لله الواحد القهار.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٠٦


الصفحة التالية
Icon