يطأطىء رأسه فلا يزال مقمحاً ﴿ مُّقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا ﴾ [يس : ٩] بفتح السين : حمزة وعلي وحفص.
وقيل : ما كان من عمل الناس فبالفتح، وما كان من خلق الله كالجبل ونحوه فبالضم ﴿ فَأَغْشَيْنَـاهُمْ ﴾ فأغشينا أبصارهم أي غطيناها وجعلنا عليها غشاوة ﴿ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ﴾ [يس : ٩] الحق والرشاد.
وقيل : نزلت في بني مخزوم وذلك أن أبا جهل حلف لئن رأى محمداً يصلي ليرضخن رأسه، فأتاه وهو يصلي ومعه حجر ليدمغه به، فلما رفع يده انثنت إلى عنقه ولزق الحجر بيده حتى فكوه عنها بجهد فرجع إلى قومه فأخبرهم فقال مخزومي آخر : أنا أقتله بهذا الحجر فذهب فأعمى الله بصره و ﴿ سَوَا ءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة : ٦] أي سواء عليهم الإنذار وتركه، والمعنى من أضله الله هذا الإضلال لم ينفعه الإنذار.
وروي أن عمر بن عبد العزيز قرأ الآية على غيلان القدري فقال : كأني لم أقرأها أشهدك أني تائب عن قولي في القدر.
فقال عمر : اللهم إن صدق فتب عليه وإن كذب فسلط عليه من لا يرحمه، فأخذه هشام بن عبد الملك من عنده فقطع يديه ورجليه وصلبه على باب دمشق ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ ﴾ [يس : ١١] أي إنما ينتفع بإنذارك من اتبع القرآن ﴿ وَخَشِىَ الرَّحْمَـانَ بِالْغَيْبِ ﴾ [يس : ١١] وخاف عقاب الله ولم يره ﴿ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ ﴾ [يس : ١١] وهي العفو عن ذنوبه ﴿ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [يس : ١١] أي الجنة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥
﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ الْمَوْتَى ﴾ [يس : ١٢] نبعثهم بعد مماتهم أو نخرجهم من الشرك إلى
الإيمان ﴿ وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُوا ﴾ [يس : ١٢] ما أسلفوا من الأعمال الصالحات وغيرها ﴿ وَءَاثَارَهُمْ ﴾ ما هلكوا عنه من أثر حسن كعلم علّموه أو كتاب صنّفوه أو حبيس حبّسوه أو رباط أو مسجد صنعوه أو سيء كوظيفة وظفها بعض الظلمة، وكذلك كل سنة حسنة أو سيئة يستن بها ونحوه قوله تعالى ﴿ يُنَبَّؤُا الانسَـانُ يَوْمَـاـاِذ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ﴾ [القيامة : ١٣] (القيامة : ٣١) قدم من أعماله وأخر من آثاره.
وقيل : هي خطاهم إلى الجمعة أو إلى الجماعة ﴿ وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَـاهُ ﴾ [
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٧
يس : ١٢] عددناه وبيناه ﴿ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ [يس : ١٢] يعني اللوح المحفوظ لأنه أصل الكتب ومقتداها.
﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلا أَصْحَـابَ الْقَرْيَةِ ﴾ [يس : ١٣] ومثل لهم من قولهم " عندي من هذا الضرب كذا " أي من هذا المثال، وهذه الأشياء على ضرب واحد أي على مثال واحد، والمعنى واضرب لهم مثلاً مثل أصحاب القرية أي أنطاكية، أي اذكر لهم قصة عجيبة قصة أصحاب القرية، والمثل الثاني بيان للأول.
وانتصاب ﴿ إِذْ ﴾ بأنه بدل من ﴿ أَصْحَـابَ الْقَرْيَةِ ﴾ [يس : ١٣] ﴿ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾ [يس : ١٣] رسل عيسى عليه السلام إلى أهلها بعثهم دعاة إلى الحق وكانوا عبدة أوثان ﴿ إِذْ ﴾ بدل من ﴿ إِذْ ﴾ الأولى ﴿ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ﴾ [يس : ١٤] أي أرسل عيسى بأمرنا ﴿ اثْنَيْنِ ﴾ صادقاً وصدوقاً، فلما قربا من المدينة رأيا شيخاً يرعى غنيمات له ـ وهو حبيب النجار ـ فسأل عن حالهما فقالا : نحن رسولا عيسى، ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن فقال : أمعكما آية؟ فقالا : نشفي المريض ونبرىء الأكمه والأبرص، وكان له ابن مريض مدة سنتين فمسحاه فقام، فآمن حبيب وفشا الخبر فشفي على أيديهما خلق كثير، فدعاهما الملك وقال لهما : ألنا إله سوى آلهتنا؟ قالا : نعم من أوجدك وآلهتك.
فقال : حتى أنظر في أمركما فتبعهما الناس وضربوهما.
وقيل : حبسا ثم بعث عيسى شمعون فدخل متنكراً وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا خبره إلى الملك فأنس به فقال له ذات يوم : بلغني أنك حبست رجلين


الصفحة التالية
Icon