غافر : ٢٢] قادر على كل شيء ﴿ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة : ١٩٦] إذا عاقب.
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِـاَايَـاتِنَا ﴾ [إبراهيم : ٥] التسع ﴿ وَسُلْطَـانٍ مُّبِينٍ ﴾ [هود : ٩٦] وحجة ظاهرة ﴿ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَـامَـانَ وَقَـارُونَ ﴾ [غافر : ٢٤] هو ﴿ سَـاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾ [ص : ٤] فسموا السلطان المبين سحراً وكذباً ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُم بِالْحَقِّ ﴾ [غافر : ٢٥] بالنبوة ﴿ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَآءَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ ﴾ [غافر : ٢٥] أي أعيدوا عليهم القتل كالذي كان أولاً ﴿ وَاسْتَحْيُوا نِسَآءَهُمْ ﴾ [غافر : ٢٥] للخدمة ﴿ وَمَا كَيْدُ الْكَـافِرِينَ إِلا فِى ضَلَـالٍ ﴾ [غافر : ٢٥] ضياع يعني أنهم باشروا قتلهم أولاً فما أغنى عنهم، ونفذ قضاء الله بإظهار من خافوه فما يغني عنهم هذا القتل الثاني، وكان فرعون قد كف عن قتل الولدان، فلما بعث موسى عليه السلام وأحس بأنه قد وقع أعاده عليهم غيظاً وظناً منه أنه يصدهم بذلك عن مظاهرة موسى عليه السلام، وما علم أن كيده ضائع في الكرتين جميعاً ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ﴾ [يونس : ٧٩] لملئه ﴿ ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَى ﴾ [غافر : ٢٦] كان إذا همّ بقتله كفوه بقولهم : ليس بالذي تخافه وهو أقل من ذلك، وما هو إلا ساحر، وإذا قتلته أدخلت الشبهة على الناس واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة، والظاهر أن فرعون قد استيقن أنه نبي وأن ما جاء به آيات وما هو بسحر، ولكن كان فيه خب وكان قتالاً
١١٠
سفاكاً للدماء في أهون شيء، فكيف لا يقتل من أحس بأنه هو الذي يهدم ملكه؟، ولكن كان يخاف إن هم بقتله أن يعاجل بالهلاك، وقوله ﴿ وَلْيَدْعُ رَبَّهُا ﴾ [غافر : ٢٦] شاهد صدق على فرط خوفه منه ومن دعوته ربه، وكان قوله :﴿ ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَى ﴾ [غافر : ٢٦] تمويهاً على قومه وإيهاماً أنهم هم الذين يكفونه وما كان يكفه إلا ما في نفسه من هول الفزع ﴿ إِنِّى أَخَافُ ﴾ [المائدة : ٢٨] إن لم أقتله ﴿ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ ﴾ [
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٠
غافر : ٢٦] أن يغير ما أنتم عليه.
وكانوا يعبدونه ويعبدون الأصنام ﴿ أَوْ أَن يُظْهِرَ ﴾ [غافر : ٢٦] موسى ﴿ فِى الارْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر : ٢٦] بضم الياء ونصب الدال : مدني وبصري وحفص، وغيرهم بفتح الياء ورفع الدال، والأول أولى لموافقة ﴿ يُبَدِّلَ ﴾.
والفساد في الأرض التقاتل والتهايج الذي يذهب معه الأمن، وتتعطل المزارع والمكاسب والمعايش ويهلك الناس قتلاً وضياعاً كأنه قال : إني أخاف أن يفسد عليكم دينكم بدعوتكم إلى دينه أو يفسد عليكم دنياكم بما يظهر من الفتن بسببه، وقرأ غير أهل الكوفة ﴿ وَإِنَّ ﴾، ومعناه إني أخاف فساد دينكم ودنياكم معاً.
﴿ وَقَالَ مُوسَى ﴾ [إبراهيم : ٨] لما سمع بما أجراه فرعون من حديث قتله لقومه ﴿ إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ وفي قوله ﴿ وَرَبِّكُم ﴾ بعث لهم على أن يقتدوا به فيعوذوا بالله عياذه، ويعتصموا بالتوكل عليه اعتصامه، وقال ﴿ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ ﴾ [غافر : ٢٧] لتشمل استعاذته فرعون وغيره من الجبابرة، وليكون على طريقة التعريض فيكون أبلغ، وأراد بالتكبر الاستكبار(عن الاذعان للحق وهو أقبح استكبار، وأدل على دناءة صاحبه وعلى فرط ظلمه، وقال :﴿ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ [غافر : ٢٧] : لأنه إذا اجتمع في الرجل التكبر والتكذيب بالجزاء وقلة المبالاة بالعاقبة فقد استكمل أسباب القسوة والجراءة على الله وعباده، ولم يترك عظيمة إلا ارتكبها، وعذت ولذت أخوان.
بالإدغام : أبو عمرو وحمزة وعلي.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٠
﴿ الْحِسَابِ * وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَـانَهُ ﴾ [غافر : ٢٨] قيل : كان قبطياً ابن
١١١


الصفحة التالية
Icon