﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الاشْهَـادُ ﴾ [غافر : ٥١] أي في الدنيا والآخرة يعني أنه يغلبهم في الدارين جميعاً بالحجة والظفر على مخالفيهم وإن غلبوا في الدنيا في بعض الأحايين امتحاناً من الله والعاقبة لهم، ويتيح الله من يقتص من أعدائهم ولو بعد حين.
و ﴿ يَوْمِ ﴾ نصب محمول على موضع الجار والمجرور كما تقول جئتك في أمس واليوم، والأشهاد جمع شاهد كصاحب وأصحاب يريد الأنبياء والحفظة، فالأنبياء يشهدون عند رب العزة على الكفرة بالتكذيب والحفظة يشهدون على بني آدم بما عملوا من الأعمال.
﴿ تَقُومُ ﴾ بالتاء : الرازي عن هشام.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٤
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٩
﴿ يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّـالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ﴾ [غافر : ٥٢] هذا بدل من ﴿ يَوْمَ يَقُومُ ﴾ [إبراهيم : ٤١] أي لا يقبل عذرهم.
﴿ لا يَنفَعُ ﴾ [الروم : ٥٧] كوفي ونافع ﴿ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ ﴾ [غافر : ٥٢] البعد من رحمة الله ﴿ وَلَهُمْ سُواءُ الدَّارِ ﴾ [الرعد : ٢٥] أي سوء دار الآخرة وهو عذابها ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى ﴾ [غافر : ٥٣] يريد به جميع ما أتى به في باب الدين من المعجزات والتوراة والشرائع ﴿ وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ الْكِتَـابَ ﴾ [غافر : ٥٣] أي التوراة والإنجيل والزبور لأن الكتاب جنس أي تركنا الكتاب من بعد هذا إلى هذا ﴿ هُدًى وَذِكْرَى ﴾ [غافر : ٥٤] إرشاداً وتذكرة، وانتصابهما على المفعول له أو على الحال ﴿ لاوْلِى الالْبَـابِ ﴾ [آل عمران : ١٩٠] لذوي العقول.
﴿ فَاصْبِرْ ﴾ على ما يجرعك قومك من الغصص ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ [غافر : ٧٧]
١١٩
يعني إن ما سبق به وعدي من نصرتك وإعلاء كلمتك حق ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنابِكَ ﴾ [غافر : ٥٥] أي لذنب أمتك ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِىِّ وَالابْكَـارِ ﴾ [غافر : ٥٥] أي دم على عبادة ربك والثناء عليه.
وقيل : هما صلاتا العصر والفجر.
وقيل : قل سبحان الله وبحمده.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَـادِلُونَ فِى ءَايَـاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَـانٍ أَتَـاـاهُمْ ﴾ [غافر : ٥٦] لا وقف عليه لأن خبر " إن " ﴿ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ ﴾ [غافر : ٥٦] تعظم وهو إرادة التقدم والرياسة وأن لا يكون أحد فوقهم، فلهذا عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة، أو إرادة أن تكون لهم النبوة دونك حسداً وبغياً وبدل عليه قوله :﴿ لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ ﴾ [الأحقاف : ١١] (الأحقاف : ١١) أو إرادة دفع الآيات بالجدل ﴿ مَّا هُم بِبَـالِغِيهِ ﴾ [غافر : ٥٦] ببالغي موجب الكبر ومقتضيه وهو متعلق إرادتهم من الرياسة أو النبوة أو دفع الآيات ﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾ [الأعراف : ٢٠٠] فالتجيء إليه من كيد من يحسدك ويبغي عليك ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ﴾ [الإسراء : ١] لم تقول ويقولون ﴿ الْبَصِيرُ ﴾ بما تعمل ويعملون فهو ناصرك عليهم وعاصمك من شرهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٩
﴿ لَخَلْقُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ [غافر : ٥٧] لما كانت مجادلتهم في آيات الله مشتملة على إنكار البعث، وهو أصل المجادلة ومدارها حجوا بخلق السماوات الأرض لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقها فإن من قدر على خلقها مع عظمها كان على خلق الإنسان مع مهانته أقدر.
﴿ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف : ١٨٧] لأنهم لا يتأملون لغلبة الغفلة عليهم.
﴿ وَمَا يَسْتَوِى الاعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ وَلا الْمُسِى ءُ ﴾ [غافر : ٥٨] " لا " زائدة ﴿ قَلِيلا مَّا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ [غافر : ٥٨] تتعظون بتاءين : كوفي، وبياء وتاء : غيرهم، و ﴿ قَلِيلا ﴾ صفة مصدر محذوف أي تذكراً قليلاً يتذكرون و " ما " صلة زائدة.
١٢٠