﴿ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ﴾ [غافر : ٦٧] متعلق بمحذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا وكذلك ﴿ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ﴾ [غافر : ٦٧] وبكسر الشين : مكي وحمزة وعلي وحماد ويحيى والأعشى ﴿ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ ﴾ [غافر : ٦٧] أي من قبل بلوغ الأشد أو من قبل الشيوخة ﴿ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُّسَمًّى ﴾ [غافر : ٦٧] معناه ويفعل ذلك لتبلغوا أجلاً مسمى وهو وقت الموت أو يوم القيامة ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [غافر : ٦٧] ما في ذلك من العبر والحجج ﴿ هُوَ الَّذِى يُحْىِ وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ أي فإنما يكوّنه سريعاً من غير كلفة.
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَـادِلُونَ فِى ءَايَـاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ﴾ [غافر : ٦٩] ذكر الجدال في هذه السورة في ثلاثة مواضع فجاز أن يكون في ثلاثة أقوام أو ثلاثة أصناف أو للتأكيد ﴿ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَـابِ ﴾ [غافر : ٧٠] بالقرآن ﴿ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ﴾ [غافر : ٧٠] من الكتاب ﴿ إِذِ الاغْلَـالُ فِى أَعْنَـاقِهِمْ ﴾ " إذا " ظرف زمان ماضٍ والمراد به هنا الاستقبال كقوله :﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الحجر : ٣] وهذا لأن الأمور المستقبلة لما كانت في أخبار الله تعالى مقطوعاً بها عبر عنها بلفظ ما كان ووجد، والمعنى على الاستقبال ﴿ وَالسَّلَـاسِلُ ﴾ عطف على ﴿ الاغْلَـالُ ﴾ والخبر ﴿ فِى أَعْنَـاقِهِمْ ﴾ [يس : ٨] والمعنى إذ الأغلال والسلاسل في أعناقهم ﴿ يُسْحَبُونَ * فِى الْحَمِيمِ ﴾ يجرون في الماء الحار ﴿ ثُمَّ فِى النَّارِ يُسْجَرُونَ ﴾ [غافر : ٧٢] من سجر التنور إذا ملأه بالوقود ومعناه أنهم في النار فهي محيطة بهم
١٢٣
وهم مسجورون بالنار مملوءة بها أجوافهم ﴿ ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ ﴾ [غافر : ٧٣] أي تقول لهم الخزنة ﴿ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ ﴾ [غافر : ٧٣].
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٩
﴿ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [يس : ٧٤] يعني الأصنام التي تعبدونها ﴿ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا ﴾ [غافر : ٧٤] غابوا عن عيوننا فلا نراهم ولا ننتفع بهم ﴿ بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُوا مِن قَبْلُ شَيْئًا ﴾ [غافر : ٧٤] أي تبين لنا أنهم لم يكونوا شيئاً وما كنا نعبد بعبادتهم شيئاً كما تقول : حسبت أن فلاناً شيء فإذا هو ليس بشيء إذا خبرته فلم تر عنده خيراً.
﴿ كَذَالِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَـافِرِينَ ﴾ [غافر : ٧٤] مثل ضلال آلهتهم عنهم يضلون عن آلهتهم حتى لو طلبوا الآلهة أو طلبتهم الآلهة لم يتصادفوا، أو كما أضل هؤلاء المجادلين يضل سائر الكافرين الذين علم منهم اختيار الضلالة على الدين ﴿ ذَالِكُمُ ﴾ العذاب الذي نزل بكم ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى الارْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ [غافر : ٧٥] بسبب ما كان لكم من الفرح والمرح بغير الحق وهو الشرك وعبادة الأوثان فيقال لهم ﴿ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ ﴾ [الزمر : ٧٢] السبعة المقسومة لكم.
قال الله تعالى :﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴾ [الحجر : ٤٤] (الحجر : ٤٤).
﴿ خَـالِدِينَ فِيهَا ﴾ [الجن : ٢٣] مقدرين الخلود ﴿ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر : ٧٢] عن الحق جهنم ﴿ فَاصْبِرْ ﴾ يا محمد ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ ﴾ [غافر : ٧٧] بإهلاك الكفار ﴿ حَقٌّ ﴾ كائن ﴿ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ﴾ [غافر : ٧٧] أصله فإن نريك و " ما " مزيدة لتوكيد معنى الشرط ولذلك ألحقت النون بالفعل، ألا تراك لا تقول إن تكرمني أكرمك ولكن إما تكرمني أكرمك ﴿ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ [غافر : ٧٧] هذا الجزاء متعلق بـ ﴿ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾ وجزاء ﴿ نُرِيَنَّكَ ﴾ محذوف وتقديره وإما نرينك بعض الذي نعدهم من العذاب وهو القتل يوم بدر فذاك، أو إن نتوفينك قبل يوم بدر فإلينا يرجعون يوم القيامة فننتقم منهم أشد الانتقام.
١٢٤
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١٩