أهلككم، و ﴿ ذالِكُمْ ﴾ مبتدأ و ﴿ ظَنُّكُمُ ﴾ خبر و ﴿ الَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ ﴾ [فصلت : ٢٣] صفته و ﴿ أَرْدَاـاكُمْ ﴾ خبر ثانٍ أو ﴿ ظَنُّكُمُ ﴾ بدل من ﴿ ذالِكُمْ ﴾ و ﴿ أَرْدَاـاكُمْ ﴾ الخبر ﴿ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَـاسِرِينَ * فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ﴾ أي فإن يصبروا لم ينفعهم الصبر ولم ينفكوا به من الثواء في النار ﴿ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ ﴾ [فصلت : ٢٤] وإن يطلبوا الرضا فما هم من المرضيّين، أو إن يسألوا العتبى ـ وهي الرجوع لهم إلى ما يحبون جزعاً مما هم فيه ـ لم يعتبوا لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها ﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ ﴾ [فصلت : ٢٥] أي قدرنا لمشركي مكة، يقال : هذان ثوبان قيضان أي مثلان والمقايضة المعاوضة، وقيل : سلطنا عليهم ﴿ قُرَنَآءَ ﴾ أخداناً من الشياطين جمع قرين كقوله ﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَـانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف : ٣٦] (الزخرف : ٦٣) ﴿ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ [فصلت : ٢٥] أي ما تقدم من أعمالهم وما هم عازمون عليها، أو ما بين أيديهم من أمر الدنيا واتباع الشهوات وما خلفهم من أمر العاقبة وأن لا بعث ولا حساب ﴿ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ﴾ [فصلت : ٢٥] كلمة العذاب ﴿ فِى أُمَمٍ ﴾ [الأعراف : ٣٨] في جملة أمم ومحله النصب على الحال من الضمير في ﴿ عَلَيْهِمُ ﴾ أي حق عليهم القول كائنين في جملة أمم ﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم ﴾ [فصلت : ٢٥] قبل أهل مكة ﴿ مِّنَ الْجِنِّ وَالانسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَـاسِرِينَ ﴾ [فصلت : ٢٥] هو تعليل لاستحقاقهم العذاب والضمير لهم وللأمم.
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَـاذَا الْقُرْءَانِ ﴾ [فصلت : ٢٦] إذًّا قريء ﴿ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت : ٢٦] وعارضوه بكلام غير مفهوم حتى تشوشوا عليه وتغلبوا على قراءته واللغو الساقط من الكلام الذي لا طائل تحته ﴿ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا ﴾ [فصلت : ٢٧] يجوز أن يريد بالذين كفروا هؤلاء
١٣٦
اللاغين والآمرين لهم باللغو خاصة، ولكن يذكر الذين كفروا عامة لينطووا تحت ذكرهم ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِى كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت : ٢٧] أي أعظم عقوبة على أسوأ أعمالهم وهو الكفر.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣٤
﴿ ذَالِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ اللَّهِ ﴾ [فصلت : ٢٨] ذلك إشارة إلى الأسوأ ويجب أن يكون التقدير أسوأ جزاء الذي كانوا يعملون حتى تستقيم هذه الإشارة ﴿ النَّارِ ﴾ عطف بيان للجزاء أو خبر مبتدأ محذوف ﴿ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ﴾ [فصلت : ٢٨] أي النار في نفسها دار الخلد كما تقول : لك في هذه الدار دار السرور وأنت تعني الدار بعينها ﴿ جَزَآءُ ﴾ أي جوزوا بذلك جزاء ﴿ أَرِنَا ﴾ وبسكون الراء لثقل الكسرة كما قالوا في فخذ فخذ : مكي وشامي وأبو بكر.
وبالاختلاس : أبوعمرو ﴿ الَّذَيْنِ أَضَلانَا ﴾ [فصلت : ٢٩] أي الشيطانين اللذين أضلانا ﴿ مِّنَ الْجِنِّ وَالانسِ ﴾ [فصلت : ٢٥] لأن الشيطان على ضربين جني وإنسي، قال تعالى :﴿ وَكَذَالِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا شَيَـاطِينَ الانسِ وَالْجِنِّ ﴾ [الأنعام : ١١٢] ﴿ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الاسْفَلِينَ ﴾ [فصلت : ٢٩] في النار جزاء إضلالهم إيانا.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ﴾ [فصلت : ٣٠] أي نطقوا بالتوحيد ﴿ ثُمَّ اسْتَقَـامُوا ﴾ [فصلت : ٣٠] ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضيانه، وعن الصديق رضي الله عنه : استقاموا فعلاً كما استقاموا قولاً : وعنه أنه تلاها ثم قال : ما تقولون فيها؟ قالوا : لم يذنبوا.
قال : حملتم الأمر على أشده.
قالوا : فما تقول؟ قال : لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان.
وعن عمر رضي الله عنه : لم يروغوا روغان الثعالب أي لم ينافقوا.
وعن عثمان رضي الله عنه : أخلصوا العمل.
وعن علي رضي الله عنه : أدوا الفرائض.
وعن الفضيل :
١٣٧


الصفحة التالية
Icon